قال الإِمام إسماعيلُ بن الفَضْل الأصبهانُّي:"وأوَّل من قالَ باللَّفظ، وقال: ألفاظُنا بالقرآن مخلوقةٌ حُسَينٌ الكَرابيسيُّ، فبدَّعَه أحمد بن حنبل، ووافقَه على تبديعهِ علماءُ الأمصار ... "(١).
ثم ساقَ أسماءَ جماعةٍ من الأئمَّة والعُلماءِ.
ووافقه عبد الله بن سَعيد بن كُلاَّب وداودُ الظاهريُّ.
وسبَبُ ذلك ما ابْتُلوا به من علْمِ الكلام المَذمومِ، فَوافقوا الجَهمية في حقيقةِ قولهم.
ولمَّا كان الإِمام أحمدُ قَدْ خَبِرَ باطلَ القوم، وعَرَف مَداخِلَه، لم يتردَّدْ في تَضْليلِهم، وتَبْديعِهم وتَجْهيمِهم، ونقَلَ عنه الثّقاتُ من أصحابهِ من ذلك ما فيه الكفايةُ والمَقْنَع لمَن نوَّرَ الله قلبَه بنورِ الهداية، وجنَّبه سُبُلَ الغِوايةِ.
فجاءَ من بَعْدِهِ أقوامٌ غَلِطوا في مَعرفةِ حَقيقةِ قَولهِ، وذلكَ إمَّا لخَفاءِ نُصوصِهِ الصَّريحةِ عنهم وإمَّا لهَوًى وبدعةٍ فيهم، وإنْ وقع انتسابُ الكثير منهم للعلْمِ والسُّنَّةِ.
فرأيتُ من الضِّرورةِ -وقَدْ خُضْتُ غِمارَ هذا الموضوع- أن أوضِّحَ -بما يَسَّر الله تعالى- ما وقعَ من اللَّبْس في هذه القضيةِ، ولولا ما وقعَ بسَبَبِها من النبلاء لكانَ في تركِ الكلام فيها غُنْيَةٌ.