للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من جبريلَ عليه السَّلام، وأصحابُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ورضِيَ عنهم سَمِعوا من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثمَّ الأوَّلُ فالأوَّلُ هَلُمَّ جَرّاً إلى يومِنا هذا، وبعدَنا يكونُ كما كَانَ قبلَنا، وهو كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ، ومَن زعَمَ أنَّ القرآن أو بعضه مخلوقٌ، أو شَيْء منه في حالةٍ من الحالاتِ بجهةٍ من الجهاتِ، فقد زعَمَ أنَّ جبريلَ سَمِعَ من الله مخلوقاً، وأدَّى إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مخلوقاً وأدَّى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلى أمتِهِ مخلوقاً" (٦٠).

٩ - الإِمام الحافظ أبو عثمان الصَّابونيُّ.

قال: "ويَشْهدُ أصحابُ الحديثِ ويعتقِدونَ أنَّ القرآنَ كلامُ الله وكتابُه وخطابهُ ووحيهُ وتنزيلُهُ غيرُ مخلوق، ومَن قال بخَلْقِهِ واعتقده فهو كافرٌ عندهم، والقرآنُ الذي هو كلام الله ووحيُهُ هو الذي ينزل به جبريلُ على الرَّسولِ -صلى الله عليه وسلم- قرآناً عربياًص لقوم يعلَمون بَشيراً ونذيراً، كما قال عزَّ من قائل: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:١٩٢ - ١٩٥]، وَهو الذي بلَّغهُ الرَّسولُ -صلى الله عليه وسلم- أمَّتَه كما أمِرَ به في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبكَ} [المائدة: ٦٧]، فكان الذي بلَّغَه كلامَه -عَزَّ وَجَلَّ-، وفيه قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أتَمنعوني أنْ أبلّغَ كلامَ ربي؟ " (٦١) وهو الذي تحفَظُهُ الصُّدُورُ، وتتلوهُ الألسنةُ، ويُكْتَبُ في المَصاحفِ، كيفَ ما تصَرَّفَ: بقراءةِ قارىءٍ, ولفظِ لافظٍ، وحفظِ حافظٍ، وحيثُ تُلِيَ، وفي أيّ مَوْضِع قُرىءَ، أو كُتِبَ، في مصاحفِ أهل الإِسلام وألواحِ صبيانهم، وغيرها، كلامُ الله جلَّ


(٦٠) أورده عنه قِوام الله السُّنَّة ق ٤٨/ ب بسند صحيح إليه.
(٦١) سبق إيراد هذا الحديث في الباب الأول ص: ٨٥.

<<  <   >  >>