وإخوانُه بالمِرْصادِ، كما وقفَ لهم حين صرَّحوا بخلق القرآنِ، فبدَّدَ ظلامَها بنور الكتابِ وهدي خير الأنام، فعَقَلَ كلامَه من عقَلَه فنفَعَهُ الله، وكانَ على هدًى مستقيم، وعَمِيَت بصائرُ أقوام فضلّوا عن القَصْدِ، وما فَقِهوا مقالَه، فتمكّنتْ منهم الأهواءُ حتى بلغَت منهم الجَهْدَ، وربَّما كانت فيهم رؤوس تُنَّظَرُ أقوالُهم، بسَبب ما فيهم من الزَّهادةِ والعبادةِ، والعلمِ بالفروع وكثيرٍ من الأصول، ولكنَّ الهدى كلّ الهدى أنْ يُتّبعَ السَّلَفُ الكِرام، فإنَّ العبدَ إن التفتَ إلى مَن بعدهم بعدَ دخول الأهواء في الأصولِ والفروعِ، فإنَّه لا يضمَنُ السَّلامة في الدِّيانة، وإنَّما يُعْتَبَرُ العالمُ من الخَلَفِ، بمقدارِ ما يَقْتدِي فيه بالسَّلف.
وكلُّ خيرٍ في اتباعِ مَنْ سَلَفْ ... وكلُّ شرّ في ابتداع مَن خَلَفْ