بعضُ الإِيهام واللَّبْس، ولكن من تأمَّلها ثَبَتَ له صحَّةُ ما قُلنا، فالمآخِذُ عليه في هذه القضية أربعةٌ:
الأوَّل: وقفُهُ عن التَّصريحِ بتَجْهيم أو تبديع اللَّفظيَّةِ القائلين:
(لفظي بالقرآن مخلوق).
والثاني: جاء عنه قولُهُ -وقد سُئِلَ عن اللَّفظ بالقرآن؟ -: "أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا" ففَهِمَ بعضُ مَن حضَرَ مَجْلِسَه أنَّه يقول: "لفظي بالقرآن مخلوق" وأبى ذلك آخرون (٧١).
والثالث: ما أشاعَه عنه الذُّهْليُّ من القوْل: "ألفاظنا بالقرآن مخلوقة".
والرابع: إطلاقُهُ الفَرْقَ بين التّلاوةِ والمتْلوّ، والقراءةِ والمَقروء.
فاستغلَّ القائلونَ:(ألفاظنا بالقرآن مخلوقة) ممَّن جاء بعدَه من الأشعرية وغيرِهم هذه الأمورَ فقالوا: قولٌ البُخاري هو قولُنا، فإنَّا نفرّق ببن التلاوةِ والمَتلوِّ، فالتلاوةُ هذه الألفاظ العربيةُ، والمتلوُّ ما دلّتْ عليه التلاوةُ، وهو عندَهم كلامُ الله القائمُ بذاتهِ الذي هو معنى مجرَّدٌ.
وهذا من الزُّور والبُهْتان الذي لم يقل البخارىُّ بشيءٍ منه، وهوبريء منه بحَمْدِ الله، وإني ناقضٌ بحَوْل الله تعالَى وقوّته ما حرَّفوهُ من المعاني يسَبب ما ذكرنا من المآخذ على البخاريٌ.
* أما المأخذُ الأوَّل فهو غيرُ قائم, لأنَّ وقفَه حين وقفَ لَمْ يكن عن شكٍّ في بِدْعَتِهم، أو تردُّدٍ في بُطلان مذْهَبِهم، وإنَّما كانَ ذلك اتقاءً لِما