منزَلٌ غيرُ مخلوق، وأنَّه مِنَ الله بدأ وإليه يعودُ، وأنَّ الله تعالى يتكلَّمُ بصَوْتٍ، إلى غير ذلك مِمَّا هو مُعْتَقد أهلِ الحقِّ الذي فصَّلْناه في الباب الأوَّل، ممَّا تُرْغَمُ به أنوفُ اللفظيةِ الأشعريةِ وغيرهم الذين يقولُ قائلهُم من غير حَياءٍ ولا وَرَعٍ:"كانَ البخاريُّ مِمَّن قال: لفظي بالقرآن مخلوق".
وممَّا يجْدُرُ التنبيهُ عليه أنَّه رُوي عن البخاري رحمه الله أنَّه قال للحافظ أبي عَمْرو أحمد بن نَصْرٍ الخفّاف:"يا أبا عَمْرو، احفَظْ ما أقول لك: مَن زعَمَ من أهل نَيْسابورَ، وقُومَسَ، والرَّيِّ، وهَمَذانَ، وحُلوانَ، وبغدادَ، والكوفةِ، والمدينةِ، ومكَّةَ، والبَصْرةِ، أني قلتُ: لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو كذَّابٌ، فإنِّي لم أقُلْ هذه المقالةَ، إلَّا أني قلتُ: أفعالُ العباد مخلوقة"(٧٤).
قلتُ: لكنَّني أعرضتُ عن الاحتجاج بها صَفْحاً لعَدَم ثُبوتِ إسنادها، وإن كانت قد احتجَّ بها جَماعةٌ من الأئمَّةِ، وفيما حَقَّقْناه كفايةٌ لمَنْ رزقَه الله التجرّدَ للحقّ.
• • • • •
(٧٤) رواه ابن الطبري في "السنَّة" ٢/ ٣٥٨ والخطيب "التاريخ" ٢/ ٣٢ وابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" ١/ ٢٧٧ وهي قصة ضعيفة الإِسناد جداً من أجل أبي صالح خلف بن محمد بن إسماعيل وهو الخيام البخاري، ضعيف جدّاً.