كتاب العقيدة السلفية فى كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية

الفصل الثاني: مسألة اللفظ وموقف أهل السنة - المبحث الخامس: اللفظية المثبتة مبتدعة - ص: 271

٣ - وقال الإِمام أبو بكْرٍ المَرّوذيُّ رحمه الله: قالَ لي أبو عبد الله -يعني أحمدَ-: "قد غِيضَ قلبي على ابن شَدَّاد" قلتُ: أيّ شيْءٍ حَكى عنكَ؟ قال: "حكى عني في اللَّفظ" فبلغَ ابنَ شدَّاد أنَّ أبا عبد الله قد أنكرَ عليه، فجاءَنا حَمْدويه بن شدَّاد بالرُّقْعَة فيها مسائل، فأدخلْتُها على أبي عبد الله، فنظَرَ، فرَأى فيها: إنَّ لَفْظي بالقرآن غيرُ مخلوقٍ -مع مسائلَ فيها- فقال أبو عبد الله: "فيها كلامٌ ما تكلَّمْتُ به" فقامَ من الدِّهْلِيز فدخَلَ، فأخرَجَ المِحْبَرةَ والقلَمَ، وضرَبَ أبو عبد الله على موضِعِ: لفظي بالقرآن غيرُ مخلوق، وكتَبَ أبو عبد الله بخطِّه بين السَّطْرَيْن: "القرآنُ حيثُ تصرَّفَ غيرُ مَخْلوق" وقال: "ما سَمِعْتُ أحداً تكلَّم في هذا بشَيْءٍ" وأنكرَ على مَن قال: لفظي بالقرآن غيرُ مخلوق (٧٧).

قلتُ: حَمْدُويْهِ بن شَدَّاد هذا أحدُ أصحاب الإِمام أحمد.

٤ - وقال صالحُ بن أحمد بن حنبل:

تَناهى إليَّ أنَّ أبا طالبٍ (٧٨) يَحْكِي عن أبي أنَّه يقولُ: لفظي بالقرآن غيرُ مخلوق، فأخبَرْتُ أبي بذلكَ، فقال: "مَن أخبَرَكَ؟ " فقلتُ: فلانٌ، قال: "ابْعَث إلى أبي طالب" فوجّهتُ إليه، فجاءَ، وجاء فُوران (٧٩)، فقال

---

(٧٧) رواه الخلّال في "السنَّة" عن المرّوذي به -كما في "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٤٢٤ - ٤٢٥ - وروى هذه القصة أيضاً أبو محمد فُوران صاحب الإِمام أحمد بنحوها، أخرج ذلك البيهقي في "الأسماء" ص: ٢٦٥ بسند صحيح.
(٧٨) اسمه أحمد بن حُميد أبو طالب المشكاني، كان من أجل أصحاب أحمد، وكان أحمد يُكرمُه ويعظّمه، مات سنة (٢٤٤).
(٧٩) اسمه عبد الله بن محمد بن المُهاجر، كان من خاصة الإِمام أحمد، مات سنة (٢٥٦).