للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العربيَّ كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ، لكنَّهم لم يتفطَّنوا لخُطورةِ هذا الإِطلاقٍ، وكانَ حَريّاً بهم أن يسلُكوا مسلكَ الإِمام أحمدَ في المنعِ من ذلك، وعدمِ رَدَّ البدعةِ ببدْعَةٍ.

فلمَّا وقعَ ذلكَ منهم، وفيهم أئمَّةُ أعلامٌ، مثلُ: الحافظِ الإِمام أبي حاتِم الرازي، تَبِعَهم عليه طائفةٌ من أهْلِ السُّنَّة المَعروفينَ بالانتسابِ إلى عقيدةِ الإِمام أحمدَ، مثل: أبي عبد الله بن حامد، وأبي نَصْرٍ السِّجْزيّ، وأبي عبد الله بن مَنْدَه، وآخرينَ سِواهم، وظنّوا أنَّ هذا هو مذهبُ أحمد واعتقادُهُ، بل إنَّ منهم مَن كان يقطَعُ بأنَّه اعتقادُ أحمدَ وقولُه المحقَّقُ الذي رَجَع إليهِ، واعتَمَدوا عدى نقولٍ عنه في ذلكَ، وادَّعى بعضُهم أنَّ حكايةَ أبي طالبٍ السابقة مكذوبةٌ عليه (٨٥).

قال شيخ الإِسلام: "وليس الأمرُ كمَا قالَه هؤلاء، فإنَّ أعلمَ الناس بأحمدَ وأخصَّ الناس وأصدَقَ الناس في النَّقْل عنه همُ الذينَ رَوَوْا ذلك عنه، ولكنَّ أهْلَ خُراسانَ لم يكن لهم من العِلْمِ بأقوالِ أحمد ما لأهْلِ العِراقِ الذين هم أخصُّ به" (٨٦).

وقال فيما احتجّوا به من رواياتٍ عن أحمدَ أنَّه قال ذلك: "وهي رواياتٌ ضعيفةٌ بأسانيدَ مَجْهولةٍ، لا تُعارِضُ ما تواتَرَ عنه عندَ خواصِّ أصحابهِ وأهلِ بَيتهِ والعُلماءِ الثَّقاتِ، لا سِيَّما وقَدْ عُلِمَ أنَّه في حياتهِ خطَّأ أبا طالب في النَّقْلِ عنه، حتى ردَّهُ أحمدُ عن ذلكَ وغَضِبَ عليه غَضَباً


(٨٥) "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨، ٣٦١.
(٨٦) "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٢٠٨.

<<  <   >  >>