يستوعِبوا خُطورةَ هذا الأمْرِ، فَهُمْ يُهوِّنونَ من شأْنِ أهل البدَع، وربَّما اعتذَروا عنهم، وربَّما حَسِبَ بعضُهم هذه القَضايا ثانويةً، بل ربَّما حَسِبَ آخرونَ أنَّها ليستْ من أساسياتِ الدِّين، وآخرون ظنُّوا أنَّ هذه القضيَّة، بل عُموم ما يتعلَّق بأسماءِ الله وصفاتِهِ لم تَعُدْ من المَسائل ذاتِ الخُطورة، وفي الواقع هناك مسائل أولى بالاعتناء بها منها، ورُبَّما قالَ البعضُ: لقد ذهبَ عهدُ المعتزلةِ والفتنةِ التي لَقِيَها الإِمامُ أحمد، والمُسلمونَ الآن يتعرَّضونَ لأنْواع أخْرى من الفِتَن ... إلى غير ذلك مما يُشْبِهُ هذا من التلبيسات التي يُلْقِيها الشَّيْطانُ على ألْسنةِ هؤلاء.
وغفلوا عن كونِ مَعْرِفَةِ ما يتعلَّقُ بأسْماءِ الله تعالى وصفاتهِ من الأصولِ التي بعثَ الله بها رسُلَه، وأنْزَلَ بها كُتُبَه، والفِتَنُ التي حَصَلَتْ بسَبب أهْل البِدَع لم تُحْدِثْ هذا النَّوْعَ من الاعتقادِ، وإنَّما نبَّهتْ أهْلَ الحَقِّ واستنْفَرَتْهُمْ لمُواجَهةِ الباطل، فقابَلوهم بحُجَج الكتاب والسُّنَّةِ، لا بالآراء المُحْدَثَةِ، والمَعقولاتِ الفاسدةِ؛ فإنَّ الأدلَّةَ على اعتقادِهم من كتابِ الله وسُنَّةِ نَبِيّه -صلى الله عليه وسلم- كانت موجودةً قبلَ وجودهم لإِثباتِ اعتقادِهم، ولَمْ يكن لأهلِ السُّنَّةِ أَتْباعِ السَّلَفِ أنْ يَبْتدعوا أصولًا لم يَرِدْ بها كتابٌ ولا سُنَّةٌ، ولو كانوا كذلك، فبأيِّ شَيْءٍ إذاً فارقوا مَنْ سِواهم من الطوائِف؟
وإني قائلٌ لهؤلاء: أيّ شَيْءٍ يكون هذا الَّذي رأيتُم تقديمَ الاشتغالِ به على اشتغالِكم بمَعْرِفةِ أصْل الأصول، وهو معرفةُ الربّ تعالى، الأساسُ الَّذي يرتبط به قبولُ كل عمَل، وعليه تنبني سَلامةُ الدّين؟ صَحَّحوا الأصولَ ثم انتقلوا إلى الفروع.
واعلَمْ أنَّ السَّبَبَ الأعظمَ في وقوعِ مثلِ ذلك هو الجهلُ باعتقاد