للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعْلَمْ أنَّ مِنَ السَّمْع ما هو معقولٌ يمكنُ للعباد أن يُحيطوا به عِلماً، ومنه ما ليس بمَعقول لا يمكنُهم أن يُحيطوا به عِلماً، والاتِّباع والتسليمُ في جميعهِ واجبٌ؛ لأنَّهُ العلْمُ الذي لا يَرِدُ عليه الباطلٌ، وليسَ للشيطانِ عليه من سَبيل.

عن عَبْد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما؛ قال: لقد جلَسْتُ أنا وأخي مجلساً ما أحِبُّ أنَّ لي به حُمْرَ النَّعمِ، أقبلتُ أنا وأخي، وإذا مشيخَةٌ من صَحابةِ رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- جلوسٌ عند بابٍ من أبوابه، فكَرِهْنا أنْ نُفَرِّقَ بينَهم، فجلَسْنا حَجْرَةً؛ إذْ ذكَروا آيةً من القرآنِ، فتمارَوْا فيها، حتى ارتفعَتْ أصواتُهم، فخرجَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مُغْضَباً، قدِ احمرَّ وَجْهُهُ، يَرْميهم بالتُّرابِ، ويقولُ: "مَهْلاً يا قوم! بهذا أهْلِكَتِ الأمَمُ من قَبْلِكم، باختِلافهم على أنْبيائِهم، وضَرْبِهم الكتُبَ بعضَها بِبَعْضٍ، إنَّ القرآنَ لَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّب بعضُه بَعْضاً، بَلْ يُصَدِّقُ بعضُه بَعْضاً، فَما عَرَفْتُم منه؛ فاعمَلوا به، وَما جَهِلْتم منه؛ فرُدُّوهُ إلى عالِمِهِ" (١٢).

قال الإِمام أحمدُ: "ونردُّ القرآنَ إلى عالِمِه تبارك وتعالى، إلى الله، فهو أعلَمُ به" (١٣).


(١٢) حديث جيد الإسناد.
أخرجه أحمد رقم (٦٧٠٢) من طريق أبي حازم عن عمرو بن شعب عن أبيه عن جدّه به.
وإسناده جيد، وأبو حازم هو سلمة بن دينار ثقة.
وقد رواه أحمد وغيره من غير هذا الحجه عن عمرو بن شعب، وهذا السياق أتمّ.
(١٣) رواه في بن إسحاق في "المحنة" ص: ٤٥ عن أحمد.

<<  <   >  >>