للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الحديث ظاهر في إخراج حديث النفس عن مطلق الكلام، ألا تراه قد فرّق بينه وبين حقيقة الكلام بقوله: "ما لم تكلّم به أو تعمل به"؟ فجعل الكلامَ الذي هو القولُ قسيماً للعمل، غيرَ حديث النفس.

٥ - حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:

يا رسول الله, وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمّك يا معاذ، وهل يكبُّ الناس على وجوههم في النار -أو قال: على مَناخرهم- إلاَّ حصائدُ ألسنتهِم؟ " (٩).

قلتُ: فهذا بَيِّنٌ في أنَّ الكلام ما كان ألفاظاً منظومةً دالَّةً على معاني مفهومةٍ؛ لأنَّ المعنى المجرَّدَ الذي يقوم بنفس المتكلم لا يحاسَبُ عليه العبدُ -كما في الحديث السابق- وهذا بخلافِ ما نَطَقَ به اللسانُ فإنَّه


= أخرجه أحمد ٢/ ٣٩٣، ٤٢٥، ٤٧٤، ٤٨١، ٤٩١، والبخاري ٥/ ١٦٠، ٩/ ٣٨٨، ١١/ ٥٤٨ - ٥٤٩ ومسلم رقم (١٢٧) وأبو داود رقم (٢٢٠٩) والترمذي رقم (١١٨٣) والنسائي ٦/ ١٥٦ - ١٥٧ وابن ماجة رقم (٢٠٤٠ , ٢٠٤٤) من طرق عن قتادة عن زُرارة بن أوفى عن أبي هريرة به مرفوعاً.
وأخرجه النسائي ٦/ ١٥٦ من طريق حجاج بن محمد عن ابن جُريج عن عطاء عن أبي هريرة به مرفوعاً.
قلت: وهذا سند صحيح، وما عنعنه ابنُ جُريج عن عطاء فلا يضره.
(٩) قطعة من حديث حسن.
أخرجه أحمد ٥/ ٢٣١ والترمذي رقم (٢٦١٦) وابن ماجة رقم (٣٩٧٣) من طريق معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ به مرفوعاً.
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
قلت: هو حديث حسن بطرقه على التحقيق، ولتفصيل ذلك موضع آخر.

<<  <   >  >>