وفي القرآنِ من المَعاني ما لَيْسَ في التَّوراةِ، وفيها من المَعاني ما ليسَ في القرآنِ، وهكذا سائرُ كَلامِهِ.
كَما أنَّ كلامَه تعالى يتفاضَلُ، فيكون بعضُهُ أفضَلَ مِنْ بَعْضٍ، فآيةُ الكُرْسي أفضَلُ من سِوها من الآي وسُورةُ الفاتحةِ لَمْ يَنْزلْ في التَّوراةِ ولا في الإِنجيلِ ولا في القُرآنِ مِثْلُها، و {قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ} تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآنِ.
كَمَا أنَّ كلامَهُ تعالى يتعاقَبُ -أي يَتْلو بعضُهُ بَعْضًا - كـ {بسم الله} فكلمةُ {الله} عَقبَ {بسم} والسّينُ عقبَ الباءِ، والمِيمُ عقبَ السّينِ، وكُلُّ ذلكَ كلامُ الله تعالى غَيرُ مَخْلوقٌ، بألفاظِهِ وحروفهِ، لا يُشْبِهُ كلامَ الخَلْقِ.
وأصواتُ العبادِ وحَرَكاتُهم بالقرآنِ، ووَرَقُ المُصْحَفِ، وجِلْدُهُ ومِدادُ الكتابةِ، كُلّ ذلكَ مَخْلوقٌ مَصْنوعٌ، والمُؤلَّفُ من الحُروفِ المَنطوقةِ المَسْموعةِ المَسْطورةِ المَحْفوظةِ، كَلامُ الله تعالى غيرُ مَخْلوقٍ بحروفِهِ ومَعانيهِ.
هذه جملةُ الاعتقادِ في كلام الله تعالى, وتفصيلُ هذه الجُمَلِ والاستدلالُ لها سيأتي في المباحث الآتية.