١٢٣ - حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومى، وغير واحد، قالوا: حدثنا سفيان، عن الزهرى، عن عباد بن تميم، عن عمه:
«أنّه رأى النّبىّ صلى الله عليه وسلم مستلقيا فى المسجد، وواضعا إحدى رجليه على الأخرى».
ــ
والتفعل فيه ليس للتكلف، بل لزيادة المبالغة فى الخشوع كما فى وصفه تعالى بالمتوحد والمتقدس والمتكبر، «من الفرق» بتحريك الراء أى الخوف والفزع الناشئ، مما علاه صلى الله عليه وسلم من عظيم المهابة والجلالة، ومن توهم نزول عذاب على الأمة، ومن غضب عليهم، أو ليتأسى به، لأنه مع كماله إذا غشيه من هيبة الله وجلاله ما صيره كذلك، فغيره بذلك أحق وأولى، ومر لذلك قصة فى باب اللباس.
١٢٣ - (واضعا إحدى رجليه على الأخرى) مع نصب الأخرى، أو مدّها، والنهى فى مسلم عن رفع إحديهما فوق الأخرى، وهى منصوبة محمول جمعا بين الحديثين ما إذا خشى بذلك انكشاف العورة، فعلم حمل ذلك حيث أمن انكشاف العورة مطلقا فى المسجد وغيره، لكنه لا ينبغى بحضرة الناس إلا إذا كانوا ممن لا يحتشمهم كأولاده وأصاغر تلامذته، وزعم بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، إلا لمرض لما علم أن جلوسه كان على الوقار والتواضع، وهو غير سديد، بل مجرد تخمين من غير دليل ولا يثبته وإنما الصواب: إنما فعله لبيان الجواز، سيما مع نهيه عنه، والفعل لبيان الجواز واجب، فهو كذلك أفضل من القعود على هيئة التواضع والوقار قيل: ووجه إيراد الحديث فى باب الجلسة: خفى لم ينتبه له شارح، ويرد: بأنه لا خفاء فيه، بل له فى هذا الباب مناسبة تامة، لأن فيه دليلا على حل الجلوس على سائر كيفياته بالأولى، لأن هذا الاضطجاع إذا جاز فى المسجد مع ما فيه عرفا ما لا يخفى، فأولى أن يجوز سائر أنواع الجلوس فى المسجد وغيره، لأنه ليس فيها عند العامة ما فى ذلك.
١٢٣ - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى الأدب (٢٧٦٥)، بسنده ومتنه سواء، والبغوى فى شرح السنة (٢٣٥٧)، من طريق المصنف به فذكره، ورواه البخارى فى الاستئذان (٦٢٨٧)، ومسلم فى اللباس (٢١٠٠)، وأبو داود فى الأدب (٤٨٦٦)، والنسائى فى المساجد (٢/ ٥٠)، وفى سننه الكبرى (٨٠٠)، والدارمى فى الاستئذان (٢/ ٢٨٢).