[٤٨ - باب: ما جاء فى خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم]
ــ
(باب ما جاء فى خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم
هو بضم فسكون أو ضم مراد وفى الأصل المفتوح الأول كالشرب والشرب، لكن خص المفتوح بالهيئات والسور المدركة بالبصر، والمضموم بالقوى المدركة بالبصيرة، فهو ملكة إنسانية ينشأ عنها جميل الأفعال، وكمال الأحوال، وهو الصورة الباطنة من النفس، وأوصافها، ومعانيها المختصة بها، بمنزلة خلق للصورة الظاهرة، وأوصافها، ومعانيها، وأوصافها حسنة وقبيحة، لكن تعلق الكمال وضده، بأوصاف الأولى أكثر منه بأوصاف الثانية، ومن ثم تكررت الأحاديث فى مدح حسن الخلق، وأصل هذا الباب أن الله خلق الإنسان، وجعل له قلبا يعقل منه فيه فبكمال العقل؛ تقتبس الفضائل، وتجتنب الرذائل، وإن كان خبر:«إن الله لما خلق العقل قال له: أقبل، فأقبل، ثم قال:
أدبر فأدبر، قال: ما خلقت خلقا أشرف منك، فبك آخذ، وبك أعطى» كذبا موضوعا باطلا من سائر طرقه، ومدح العقل للعلم به عند كل أحد، غنى عن مثل هذا الكذب ومحله القلب على الأصح، ومن ثم كان إذا صلح القلب صلح سائر الجسد كله كما فى الحديث، وجعل سبحانه القلوب محل السر والإخلاص الذى هو سر الله يودعه قلب من يشاء من عباده، فأجل قلب أودعه ذلك قلبه صلى الله عليه وسلم، وقد جعل تعالى النفوس أعلاما على أسرار القلوب، فمن تحقق قلبه بسر الله الأكبر اتسعت أخلاقه بجميع الخلق والمحاسن الظاهرة، مما لم يشاركه فيه مخلوق أيضا، وتلك آيات على سر قلبه الشريف، كما تقرر، ومن ثم ورد:«أنه أوسع قلب اطلع الله عليه» أى: لما حباه به من شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر، والشق المتكرر كما مر بيانها، واختلف: هل حسن الخلق غريزة، أو مكتسب؟ فقيل: غريزة، لخبر البخارى:«إن الله قسم أخلاقكم بينكم كما قسم أرزاقكم»، وقيل: مكتسب، لما صح فى خبر الأشج: إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة، قال: يا رسول الله قديمان كان فىّ، أو حديثان؟ قال:
قديما، قال: الحمد لله الذى جبلنى على خلقين يحبهما» فترديد السؤال عليه، وتقريره يشعر بأن منه ما هو جبلى ومنه ما هو مكتسب، وهذا هو الحق، ومن ثم قال القرطبى:
هو جبلة فى نوع الإنسان، وهم متفاوتون فيه، فمن غلبه حسنه فهو المحمود، وإلا أمر بالمجاهدة حتى يصير حسنا، وبالرياضة حتى يزيد حسنه وصح: «اللهم حسنت خلقى