للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٣٥ - حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان البجلى قال:

«أصاب حجر إصبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدميت. فقال: هل أنت إلا إصبع دميت وفى سبيل الله ما لقيت».

ــ

لو كان شعر لم يقع منه صلى الله عليه وسلم لتحريمه عليه كما يأتى، وأما لأن معنى وَماعَلَّمْناهُ اَلشِّعْرَ (١)، وَماهُوَ بشاعر (٢) ولا يقال لمن يتمثل ببيت شاعر، وأما لأن شرط تسميته شعرا، كما صرح به العروضيون أن يؤتى به بقصد رفعته ونفعيته وهو صلى الله عليه وسلم لم يقصد ذلك بدليل أنه كان ربما كثيرا غيره، وأخرجه عن النظم كما مر، وقد وقع الموزون الذى لم يقصد به ذلك حتى فى القرآن ك‍ لَنْ تَنالُوا اَلْبِرَّ (٣)، نَصْرٌ مِنَ اَللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ (٤) وهذا لا يسميه أحد من العرب شعرا لفقد القصد فيه، ولا يشكل أيضا ما قاله الماوردى على تمثله بأبيات لغيره، لأنه لا يسمى رواية، إلا إن قال: قال فلان كذا وأما مجرد التمثيل والحكم بالأصدقية على شعر مخصوص، فلا يسمى رواية، وكان الفرق أن قوله: قال فلان فيه رفعة للقائل بسبب قوله وهذا يتضمن لرفعة شأن الشعر، والثناء عليه من حيث كونه شعرا، والمطلوب منه صلى الله عليه وسلم الإعراض عن الشعر، وذمه من تلك الحيثية، لأن قلة الرفيع يأباه ويسفهه.

٢٣٥ - (هل) بمعنى ما. (إلا) مستثنى من محذوف عام أى: ما أنت. (إصبع) موصوفة بشىء إلا بأن. (دميت) بفتح فكسر وبخطاب المؤنث ولتوجعها خاطبها حقيقة معجزة له، أو على سبيل الاستعارة تسلية لها وتخفيفا لما أصابها، إذ لم تبتل بقطع ونحوه مع أن ما ابتليت به لم يكن فى سبيل الله ورضاه، لأن ذلك كان فى غزوة أحد


٢٣٥ - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى التفسير (٣٣٤٥)، بسنده ومتنه سواء، ورواه البخارى فى الأدب (٦١٤٦)، ومسلم فى الجهاد (١٧٩٦)، والإمام أحمد فى المسند (٤/ ٣١٣)، كلهم من طريق محمد بن جعفر به فذكره.
(١) سورة يس: آية رقم (٦٩).
(٢) سورة الحاقة: آية رقم (٤١).
(٣) سورة آل عمران: آية رقم (٩٢).
(٤) سورة الصف: آية رقم (١٣).

<<  <   >  >>