للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٤٥ - حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعى بن حراش، عن حذيفة، قال:

«كان النبىّ صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه، قال: اللهمّ باسمك أموت وأحيا وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذى أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور».

ــ

فينصب المواد، واعلم أن هذا التعليل، إنما هو بالنسبة إلينا دونه صلى الله عليه وسلم، فإنه لا ينام قلبه، فلا فرق فى حقه بين النوم على الشق الأيمن أو الأيسر، وإنما كان يؤثر الأيمن، لأنه كان يحب التيامن فى شأنه كله، ولتعليم أمته، وأراد فى النوم على الظهر بخلاف مجرد الاستلقاء عليه من غير نوم، واردا منه النوم منبطحا على الوجه، وروى ابن ماجه، «أنه صلى الله عليه وسلم لما مر بمن هو كذلك فى المسجد، فضربه برجله، وقال: قم، أو اقعد، فإنها نومة جهنمية» (١). (قنى عذابك) ذكر ذلك مع عصمته تواضعا، وإجلالا له، وتعليما لأمته، إذ يندب لهم التأسى به فى الإتيان بذلك عند النوم، لاحتمال أن هذا آخر عمره، وليكون آخر أعمالهم ذكر الله، مع الاعتراف بالتقصير الموجب للعذاب.

٢٤٥ - (حراش) بالحاء المهملة. (باسمك) أى على ذكرى لاسمك مع اعتقادى لعظمة مدلوله، وتفرده بالألوهية والملك. (أموت وأحيا) أى يميتنى ويحيينى وقيل:

الاسم هنا بمعنى المسمى، وقيل: الموت بمعنى النوم، لأنه مثله بجامع زوال العقل والحركة فى كل منهما، وأيضا فانتفاع الإنسان بالحياة إنما هو من حيث الفوز بالطاعة والبعد عن المعصية فمن لم ينتفع بها من هذه الحيثية كان كالميت ويدل لهذا القول قوله صلى الله عليه وسلم الآتى: بعد ما أماتنا وقد يطلق على السكون، يقال: ماتت الريح إذا سكنت وعلى الجهل نحو قوله تعالى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ (٢)، فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ اَلْمَوْتى (٣) وقد


٢٤٥ - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى الدعوات (٥/ ٣٤١٧)، بسنده ومتنه سواء، ورواه البخارى فى الدعوات (٦٣١٢)، (٦٣١٤)، وفى التوحيد (٧٣٩٤)، وأبو داود فى الأدب (٥٠٤٩)، والنسائى فى عمل اليوم والليلة (٧٤٧)، وفى السنن الكبرى (١٠٥٨٣)، وعنه ابن السنى فى عمل اليوم والليلة (٧٠١)، كلهم من طريق سفيان به فذكره نحوه.
(١) رواه ابن ماجه فى سننه كتاب الأدب، باب: النهى عن الاضطجاع على الوجه (٢ - ١٢٢٨)، حديث رقم (٣٧٢٥).
(٢) سورة الأنعام: آية رقم (١٢٢).
(٣) سورة الروم: آية رقم (٥٢).

<<  <   >  >>