للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٨٧ - حدثنا هنّاد، حدثنا عبدة، عن محمد بن عمرو، حدثنا أبو سلمة، عن عائشة، قالت:

«لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم فى الشّهر أكثر من صيامه فى شعبان، كان يصوم شعبان إلاّ قليلا بل كان يصومه كلّه».

ــ

٢٨٧ - (لم أر) الظاهر أنها علمية. و (أكثر) ثانى مفعولها. (من صيامه فى شعبان) فبأنه كان يصوم منه ومن غيره لكن صومه منه أكثر. (إلا قليلا بل كان يصومه كله) رواية البخارى: «كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلا» (١)، فالثانى تفسير الأول ومبين لأن المراد بالكل فى هذه الرواية الأكثر، وإن قيل: إنه مجاز قليل الاستعمال إذ التأكيد بكل الرفع المجاز، ويرد: بأن ذلك للغالب وأن التأكيد بها قد يكون لغير رفع المجاز، كما يعلم من قولى الآتى، وحكمة الاضطراب إلخ ومعلوم أن ضرورة الجمع بين الأحاديث، سيما إن اتحد راويها يسهل ارتكاب المجاز أو البعيدة والتأويلات المتكلفة، لأن هذا أسهل من إلغاء بعض الأحاديث من صحته، وقال ابن المنير: يجمع بأن قولها الثانى متأخر عن قولها الأول فأول أمره: كان يصوم أكثره، والآخر: كان يصوم كله انتهى، ولم أدر ما الحامل له على الجمع بهذا الذى هو عكس الترتيب اللفظى أوجه، أى: كان أول أمره يصوم كله، فلما أسن وضعف صار يصوم أكثره ويجزئ الجمع بذلك فى قولها هذا، بل يصومه كله، وحكمه الاضطراب: أن قولها:

«إلا قليلا» ربما يتوهم منه أن ذلك القليل يصدق بماله وقع نحو ثلث الشهر، فيثبت بكله أنه لم يكن يفطر منه، إلا ما وقع له بحيث يظن أنه صامه كله وإن لم يكمله لئلا يظن وجوبه، واختار صومه على أشهر الحرم حتى على المحرم مع قوله: «إن أفضل الصوم


٢٨٧ - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى الصوم (٧٣٧)، بسنده ومتنه سواء، ورواه أبو داود فى الصوم (٢٤٣٤)، والنسائى فى الصيام (٤/ ١٥١)، وفى الكبرى (٤١٤،٤٥٤)، (٢٦٦٤)، (٢٦٦٥)، وأحمد فى المسند (٦/ ١٦٥)، والبغوى فى شرح السنة (٦/ ٣٢٩)، كلهم من طرق عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة به فذكره نحوه.
(١) رواه البخارى فى الصوم (١٩٧٠)، وأحمد فى مسنده (٦/ ١٢٨،١٤٣،١٨٩،٢٤٩)، والبيهقى فى السنن (٤/ ٢١٠،٢٩٢)، وعبد الرزاق فى مصنفه (٧٨٥٩)، والبغدادى فى تاريخ بغداد (٤/ ٤٣٧).

<<  <   >  >>