للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بقوله أمر بصيامه، والأمر للوجوب، وبقوله فلما فرض رمضان، قال: «من شاء صامه ومن شاء تركه» (١) واحتج أصحابنا بقوله «هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه» (٢) قالوا: ومعنى «فأمره أن يؤذن» اه أن من كان نوى صومه فليتمه ومن لا يمسك بقية يومه وإن أكل لحرمة اليوم فليس هذا الإمساك حقيقة صوم لأنهم أكلوا ثم أمروا بالإتمام، فلم يدفع الاحتجاج به على إجزائية صوم الفرض من النهار، سيما وقد وافق أبو حنيفة-القائل بالإجزاء-على أن شرطه أن لا يتقدم مفسد كأكل، ورجح بعض المتأخرين من محدثى الشافعية: أنه كان واجبا ثم نسخ الأمر به، ثم تأكيده تأكيد العام، ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك ثم زيادته بأمر الأمهات أن لا يرضعن الأطفال، ثم بقول ابن مسعود فى مسلم لما فرض رمضان ترك صوم عاشوراء مع علمه، بأنه ما ترك ندبه، وبأن القول بالمنسوخ تأكد ندبه، والباقى مطلق ندبه ضعيف، بل تأكده باق سيما مع الاهتمام به حيث قال: «لئن عشت لأصومن التاسع والعاشر» ولترغيبه فى صومه وأنه يكفر السنة فأىّ تأكيد أبلغ من هذا؟ انتهى، ولك رده: بأن قوله: «ولم يكتب عليكم صيامه» صريح فى نفس الوجود، وزيادة تلك التأكيدات كلها، لا تنافى عدم الوجوب، لأن المؤكد له مراتب، ونحن لا نقول: زاد تأكده بالكلية، بل الذى نقول أن تأكده بأىّ لكنه دون ذلك التأكيد، لأنه لما شرع صومه كان متفردا لا يشركه غيره، فكان تأكده أعظم من مشروعيته مع وجود غيره له، اندفع بذلك جميع ما احتج به فظهر ما قاله الأصحاب.


(١) رواه البخارى فى مناقب الأنصار (٣٨٣١)، وفى التفسير (٥٤٠٤)، وفى الحج (١٥٩٢)، وفى الصوم (١٨٩٣،٢٠٠١،٤٥٠٢)، ومسلم فى الصيام (١١٢٥)، وأبو داود فى الصيام (٢٤٤٢)، والترمذى فى الصوم (٧٥٣)، والدارمى (٢/ ٢٣)، ومالك فى الموطأ (١/ ٢٩٩)، وابن حبان فى صحيحه (٣٦٢١)، وابن خزيمة فى صحيحه (٢٠٨٠)، والبيهقى فى السنن الكبرى (٤/ ٢٨٨،٢٩٠)، وعبد الرزاق فى مصنفه (٧٨٤٢،٧٨٤٤،٧٨٤٥)، والبغوى فى (١٧٠٢)، والطحاوى (٢/ ٧٤)، والهمذانى فى الاعتبار (١٣٣).
(٢) رواه البخارى فى الصوم (٢٠٠٣)، ومسلم (١١٢٩)، والطبرانى فى الكبير (٧٤٨،٧٤٩، ٧٥١،٧٥٢،٧٥٣،٧٥٤)، والبغوى فى شرح السنة (١٧٨٥).

<<  <   >  >>