للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» (١) رواه مسلم، وفى الحديث أيضا تصريح بأن الذى كان يصومه ليس هو التاسع، فتعين كونه العاشر (تصومه قريش) هم ولد النضر ابن كنانة، وقيل: فهر بن مالك. (فى الجاهلية) هم من قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، ثم يحتمل أنهم تلقوه من أهل الكتاب وهم كانوا يعظمونه بكسوة الكعبة، وعن عكرمة: «أنه سئل عن ذلك فقال: أذنبت قريش ذنبا فى الجاهلية فعظم فى صدورهم فقيل لهم: صوموا عاشوراء يكفر ذلك». (يصومه) يحتمل أن يكون موافقة لهم فى الحج، وفيه رد على من استشكل الخبر الآتى فى سؤاله صلى الله عليه وسلم اليهود لما قدم المدينة عن سبب صومه ثم موافقته لهم بأنه كيف يرجع لخبرهم، ووجه الرد: أنه كان يصومه كما تصومه قريش فى مكة فلما قدم المدينة ووجد اليهود يصومونه صامه أيضا بوحى، أو تواتر منهم أو اجتهاده مجرد أيضا إخبار آحادهم قاله النووى كالماوردى ردا على عياض، وقال القرطبى: يحتمل أن يكون استئلافا لهم كما استألفهم كاستعمال قبلتهم وعلى كل، فلم يصمه اقتداء بهم، فإنه كان يصومه قبل ذلك، وكان ذلك فى وقت يحب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه، سيما إذا كان فيه ما يخالف أهل الأوثان، فلما فتحت مكة، واشتهر الإسلام أيضا عزم على صوم التاسع لما قيل له: إنهم يعظمونه، فعلم أن سبب صومه عدم التشبه باليهود فى المراد العاشر، وقيل: سببه الاحتياط فى صوم العاشر، والأول أولى لخبر البزار: «صوموه وخالفوا فيه اليهود وصوموا قبله يوما وبعده يوما» (٢) ولأحمد نحوه. (صامه وأمر بصيامه) سبب ذلك ما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عباس أنه لما قدم ما رأى اليهود يصومونه فقال لهم: «ما هذا اليوم الذى تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم» وفى رواية صالح «أنجى الله فيه موسى وبنى إسرائيل من عدوهم، وأغرق فيه فرعون وقومه فصامه موسى فصامه وأمر بصيامه» (٣) وفى رواية: «فنحن نصومه فقال صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه وأمر


(١) رواه مسلم فى الصيام (١١٣٤)، وابن ماجه (١٧٣٦)، وأحمد فى مسنده (١/ ٢٢٥،٣٤٥)، والطبرانى فى الكبير (١٠٨٩١).
(٢) ذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (٣/ ١٨٨)، وقال: رواه أحمد والبزار وفيه محمد بن أبى ليلى وفيه كلام.
(٣) رواه أحمد فى مسنده (١/ ٣١٠)، والبيهقى فى السنن الكبرى (٤/ ٢٨٦)، والحميدى فى مسنده (٥١٥)، ورواه مسلم فى الصيام (١١٣٠).

<<  <   >  >>