«أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة له تقضى، تموت، فوضعها بين يديه، فماتت وهى بين يديه. وصاحت أمّ أيمن. فقال-يعنى النّبىّ صلى الله عليه وسلم-: أتبكين عند رسول الله؟ فقالت: ألست أراك تبكى؟ قال: إنّى لست أبكى، إنّما هى رحمة، إنّ المؤمن بكلّ خير على كلّ حال، إنّ نفسه تنزع من بين جنبيه وهو يحمد الله تعالى».
٣١١ - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدى، حدثنا سفيان-
ــ
(احتضنها) وضعها فى حضنه بكسر أوله، وهو ما دون الإبط إلى الكشح والصدر والعضدان وما بينهما، قاله فى القاموس ثم قال: وحضن الصبى حضنا وحضانا وحضانة بكسرهما. (أم أيمن) هى حاضنته صلى الله عليه وسلم ومولاته زوجها لزيد مولاة فولدت له أسامة وتوفيت بعد عمر بعشرين يوما. (أتبكين؟) أى بكاء ممتنعا لاقترانه بالصياح مثلا، ولذا لم يقل: أتصيحين لإبهامه أن الممتنع الصياح وحده وليس كذلك بل كلما كان كالصياح فى إشعاره بالجزع حرام. (عند رسول الله) عدل إليه عن عندى لأنه أبلغ فى الزجر والصياح وهو رفع الصوت بالبكاء حرام، لكنها لما رأت دمع عينيه ظنت جواز البكاء وإن اقترن بالصياح، أو غيره ولهذا لما نهيت قالت:(ألست أرك تبكى؟) فبين لها بقوله: (لست أبكى) أى بكاء ممتنعا كبكائك، وزعم أن المراد: لست أبكى عن قصد، يفيد أن البكاء الجائز هو كبكائه، وهو ما كان فيه تدمع العين فقط، لأنه ليس فيه جزع وإنما هى رحمة بخلاف المقترن بنوح، وصياح، أو ضرب خدّ أو شق جيب أو نحو ذلك من أفعال الجاهلية التى تشعر بالجزع والهلع وأنّث المبتدأ نظرا لخبره أو لكون المراد به قطرات الدمع. (إن المؤمن) أى الكامل. (بكل) الباء للملابسة. (خير على كل حال) لأنه يشهد المحنة عين المنتقين حمده عليها كما قال صلى الله عليه وسلم. (إن نفسه تنزع من بين جنبيه وهو) أى والحال أنه. (يحمد الله).
٣١١ - (قبّل عثمان بن مظعون) القرشى من المهاجرين الأولين، وهو أول من مات
٣١١ - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى الجنائز (٩٨٩)، بسنده ومتنه سواء، ورواه أبو داود فى الجنائز (٣١٦٣)، وابن ماجه (١٤٥٦)، وأحمد فى المسند (٦/ ٤٣،٥٥،٢٠٦)، وعبد بن حميد فى المنتخب (١٥٢٦)، كلهم من طرق عن سفيان الثورى به فذكره.