للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣١٥ - حدثنا أحمد بن منيع، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومى، وغير واحد، قالوا:

أنبأنا سفيان بن عيينة، عن الزهرى، عن عبيد الله، عن عبد الله بن عباس، عن عمر بن الخطاب رضى الله عنهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لا تطرونى كما أطرت النّصارى عيسى ابن مريم، إنّما أنا عبد الله، فقولوا:

عبد الله ورسوله».

ــ

إنهم كانوا لأصحابنا مكافئين، وأنا أحب أن أكرمهم».

٣١٥ - (لا تطرونى) أى لا تتجاوزوا الحدّ فى مدحى بغير الواقع، فيجركم ذلك إلى الكفر، كما جر النصارى إليه لما جاوزوا الحدّ فى مدح عيسى عليه السلام بغير الواقع واتخذوه إلها وحرفوا قوله فى الإنجيل عيسى ابنى، وأنا ولدته، فجعلوا الأول بتقديم الباء الموحدة، وجعلوا اللام فى الثانى فلعنة الله عليهم، وقد كان بعض أن يدعى نحو ذلك فى نبينا حين قالوا له: ألا نسجد لك فقال: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» (١) فنهاهم عما عساه يجرّهم لعبادته إنما لقصر القلب، أو القصر فيه إضافى فلا ينافى أن أوصافا غير العبودية والرسالة. (عبد الله) أى ملكه يتصرف فىّ بما شاء، فلا خروج لى عن دائرة العبودية بوجه كسائر العباد. (فقولوا: عبد الله ورسوله) أى قولوا ذلك، وما يلائمه مما يليق بالعبودية والرسالة وهذا من مزيد تواضعه صلى الله عليه وسلم وشفقته على أمته، ولقد أشار الإمام الشرف البوصيرى: إلى هذا المقام بقوله: دع ما ادعته النصارى فى نبيهم. . . الأبيات الثلاثة وأشار يعجز آخرها إلى


٣١٥ - إسناده صحيح: رواه البخارى فى الأنبياء (٣٤٤٥)، وأحمد فى مسنده (١/ ٢٣،٢٤،٥٥)، والدارمى فى الرقاق (٢/ ٣٢٠)، والطيالسى فى مسنده (ص ٦)، والحميدى فى مسنده (٢٧)، والبغوى فى شرح السنة (١٣/ ٢٤٦)، (٣٦٨١)، والطبرانى فى الأوسط (١٩٣٧)، والبيهقى فى الدلائل (٥/ ٤٩٨)، كلهم من طرق عن سفيان بن عيينة عن الزهرى به فذكره نحوه.
(١) رواه أبو داود فى النكاح (٢١٤٠)، والترمذى فى الرضاع (١١٥٩)، وأحمد فى مسنده (٤/ ٣٨١) (٦/ ٧٦)، والطبرانى فى الكبير (٥١١٦،٥١١٧)، (٦٥٩٠)، والحاكم فى المستدرك (١٨٧)، وابن عدى فى الكامل (٤/ ٧٥،٣١٦)، والبيهقى فى السنن الكبرى (٧/ ٢٩١، ٢٩٢)، وفى دلائل النبوة (١٣٦)، وابن أبى شيبة فى مصنفه (٢/ ٤٠٩)، (٣/ ٣٩٨).

<<  <   >  >>