«دخل نفر على زيد بن ثابت، فقالوا له: حدّثنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
ماذا أحدّثكم؟. كنت جاره فكان إذا نزل عليه الوحى بعث إلىّ فكتبته له، فكنّا إذا ذكرنا الدّنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطّعام ذكره معنا، فكلّ هذا أحدّثكم عن النّبىّ صلى الله عليه وسلم».
٣٢٩ - حدثنا إسحاق بن موسى، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن
ــ
كأنهم طلبوا الإحاطة بأحواله صلى الله عليه وسلم فتعجب من ذلك، لأنها لا يمكن الإحاطة بها، بل ولا ببعضها من حيث الحقيقة والكمال الذى لا نهاية له، فأفادهم بهذا التعجب رد ما وقع فى نفوسهم، ثم أفادهم بعض ذلك على وجه يدل على غاية ضبط وإتقان لما يرويه، فقال:(كنت جاره. . .) إلخ أى: بيتى قريب من بيته فلى خبرة وإحاطة بأحواله أتم من غيرى. (بعث إلى) فيه مزيد اعتنائه بأمر الدين. (فكتبته) أى الوحى فهو من جملة كتبة الوحى بل أجلهم، ومن ثم كان يكتب له أيضا الكتب التى يرسلها للملوك وغيرهم، وهو أحد الأربعة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الثلاثة الذين جمعوا الصحف فى خلافة أبى بكر بأمره لعمر لهم بذلك، وهذا هو الجمع الأول، والثانى كان فى زمن عثمان، وهو الذى استمر عليه الأمر، وهو أيضا أعلم الصحابة بالفرائض، كما فى الحديث الصحيح:«أفرضكم زيد». (ذكره معنا. . .) إلى آخره فيه دليل ظاهر على كمال خلقه، وحسن معاشرته، وغاية تلطفه بأصحابه صلى الله عليه وسلم ليزيد إقبالهم عليه، واستفادتهم منه. (فكل) بالرفع كما هو الرواية، ويجوز النصب فالتقدير: أحدثكم إياه. (هذا. . .) إلخ أعاده ليؤكد به الحديث، ويظهر اهتمامه به، ولا ينافى هذا ما تقرر فى الباب قبل هذا فى أحواله فى مجلسه، لأن ذكر الدنيا والطعام، قد يقترن به فوائد علمية، أو أدبية، وتقرير خلوه منهما، ففيه بيان جواز تحدث الكبير مع أصحابه فى المباحات، ومثل هذا البيان واجب عليه صلى الله عليه وسلم.
٣٢٩ - (العاصى) الجمهور على كتابته بالياء وحذفها لغة، كما قرأ به السبعة فى
٣٢٩ - إسناده ضعيف: فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث. وقد رواه الهيثمى فى مجمع الزوائد (٩/ ١٥)، وقال: رواه الطبرانى، وإسناده حسن. قلت: بينا علة الضعف. وهى تدليس محمد بن إسحاق، وعدم تصريحه بالتحديث.