٣٣٣ - حدثنا هارون بن إسحاق الهمدانى، حدثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت:
«ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قطّ، إلا أن يجاهد فى سبيل الله، ولا ضرب خادما ولا امرأة».
ــ
عمر: أى عدو الله، أتقول لرسول الله ما أسمع؟ فو الله لولا ما أحاذر قومه لضربت بسيفى رأسك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر فى سكون وتودد وتبسم، ثم قال: أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، تأمرنى بحسن الأداء، وتأمره بحسن التقاضى اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزد عشرين صاعا مكان مفازعته» ففعل فقلت: يا عمر كل علامات النبوة قد عرفتها فى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما-يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الغضب عليه إلا حلما-فقد اختبرتهما فأشهدك أنى قد رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، ومحمد نبيا، وروى أبو داود:«أن أعرابيا جره بردائه حتى أثر فى رقبته الشريفة لخشونته، وهو يقول: احملنى على بعيرى هاتين-أى: حملهما لى طعاما-فإنك لا تحملنى من مالك، ولا مال أبيك فقال له صلى الله عليه وسلم: لا، وأستغفر الله ثلاث مرات لا أحملك حتى تقيدنى من جذبتك، فقال: لا والله أقيدكها ثم دعى رجلا فقال له: احمل له على بعيريه هذين على بعير تمرا، وعلى الآخر شعيرا» ورواه البخارى وفيه: «أنه لما جذبه تلك الجذبة الشديدة التفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء» وفى هذا عظيم عفوه، وصفحه، وصبره على الأذى نفسا ومالا، وتجاوزه عن جفاة الأعراب، وحسن تدبيره لهم مع أنهم كالوحش الشاردة، والطبع المتنافر البارد، والحمر المستنفرة التى فرت من قسورة، فمع ذلك سامحهم، واحتمل جفاهم، وصبر على أذاهم، إلى أن انقادوا إليه جميعا واجتمعوا، وقاتلوا دونه أهلهم، وآباءهم، وأبناءهم، واختاروه على أنفسهم وأوطانهم.
٣٣٣ - (شيئا) أى داعيا، لأنه صلى الله عليه وسلم ربما ضرب مركوبه وقد وكز بعير جابر حتى سبق
٣٣٣ - إسناده صحيح: رواه مسلم فى الفضائل (٢٣٢٨)، وابن ماجه فى النكاح (٢٢١٨)، وأحمد فى المسند (٦/ ٣٢، ٢٢٩،٢٣٢)، والدارمى فى النكاح (٢/ ١٤٧)، أربعتهم من طريق هشام بن عروة به فذكره نحوه.