٣٨٦ - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدى، حدثنا سفيان، عن أبى الزناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
«لا يقسم ورثتى دينارا ولا درهما، ما تركت بعد نفقة نسائى، ومؤونة عاملى، فهو صدقة».
ــ
٣٨٦ - (لا تقسّم): رواية مسلم: «لا يقسم» وهو نفى لا نهى، لأن المنهى عنه شرطه الإمكان ووارث النبى صلى الله عليه وسلم غير ممكن فيتمحض هذا للإخبار بأنهم لا يقتسمون شيئا لأنه لا يورث، ورثنى: أى من يصلح لوراثتى لو أمكنت. (دينارا ولا درهما): نكتة التقييد بهما، التنبيه على أن ما فوقهما أولى بذلك، وهذا عام فى الأنبياء كما تقرر، وخالف الحسن البصرى، فقال: يختص بنبينا لقوله تعالى: يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وهى وراثة مال، لا نبوة، وإلا لم يقل: وَإِنِّي خِفْتُ اَلْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي إذ لا يخافهم على النبوة. وصوب الجمهور خلاف قوله لخبر النسائى:«إنا معاشر الأنبياء لا نورث» والمراد وراثة النبوة كما تقدم، دون حقيقة الإرث، بل قيامه مقامه، وحلوله مكانه، وعليه فإنما خاف من استيلاء الموالى على مرتبته الظاهرة بالقهر والتغلب، نقله النسائى. قال ابن عيينة: كن فى معنى المعتدات لحرمة النكاح عليهن أبدا، فجرت لهن النفقة. وقيل: لا عدة لهن، لأنه صلى الله عليه وسلم حى فى قبره وكذلك الأنبياء، ويؤيده ما مر عن صاحب التلخيص.
وقد نقل إمام الحرمين عنه: أما خلافة ما بقى على ما كان فى حياته فكان ينفق منه أبو بكر على أهله وخدمه، وكان يرى أنه باق على ملكه، فإن الأنبياء أحياء، وقصته أن حياتهم زائدة على حياة الشهداء، فإنها قد تعطى بعض أحكام الدنيا. وقد صح أن الأنبياء يحجون ويلبون، فأعمالهم ليست بتكليفية، بل يتلذذون بها، ومن ذلك سجوده صلى الله عليه وسلم وقت الشفاعة، ولا ينافى ذلك إطلاق الكتاب والسنة والإجماع الموت عليه صلى الله عليه وسلم.
قال السبكى: لأنه أحيى بعده، وعليه فانتقال الملك مشروط بموت مستمر، وقد ثبت أن أجسام الأنبياء لا تبلى، وأن الروح تعود للجسد فى سائر الموتى، وإنما النظر فى استمرارها فى البدن وفى الأجساد هل يصير حيا كهو فى الدنيا أو حيا بدون روح، وهى
٣٨٦ - إسناده صحيح: رواه البخارى فى الوصايا (٢٧٧٦)، ومسلم فى الجهاد (٣/ ١٣٨٢) رقم (١٧٦٠)، وأبو داود فى الإمارة (٢٩٧٤)، ومالك فى الموطأ (٢/ ٧٥٨)، وأحمد فى المسند (٢/ ٢٤٢،٣٧٦)، كلهم من طرق عن الزهرى به فذكره.