للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٩٠ - حدثنا محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنا محمد بن

ــ

أى: لم يحجب عنى حجاب غفلة، ولم يرد أنه لم يحجب عن الروح المشخصة طرفة عين، فذلك مستحيل انتهى. فيقال لرد دعواك الاستحالة إن عنيت بها الاستحالة العقلية فباطل، أو الشرعية فمن أى دليل أو قاعدة أخذت ذلك، كلا لا استحالة فى ذلك بوجه كما قدمناه (١).


(١) قال الحافظ: إن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، ثم رأوه بعد ذلك فى اليقظة، وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين، فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك. قلت-أى الحافظ-: وهذا مشكل جدا، ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة، ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة، ويعكر عليه أن جمعا جما رأوه فى المنام، ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه فى اليقظة، وخبر الصادق لا يتخلف، وقد اشتد إنكار القرطبى على من قال: من رآه فى المنام فقد رأى حقيقته، ثم يراها كذلك فى اليقظة كما تقدم قريبا، وقد تفطن ابن أبى جمرة لهذا الحال بما قال على كرامات الأولياء، فإن يكن كذلك تعين العدول عن العموم فى كل رآء، ثم ذكر أنه عام فى أهل التوفيق، وأما غيرهم فعلى الاحتمال، فإن خرق العادة قد يقع للزنديق بطرق الإملاء والإغواء، كما يقع للصديق بطريق الكرامة والإكرام، وإنما تحصل التفرقة بينهما باتباع الكتاب والسنة اه‍. انظر: فتح البارى (١٢/ ٤٠٢). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن ظن أن المرئى هو الميت فإنما أتى من جهله، ولهذا لم يقع مثل هذا لأحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وبعض من رأى هذا-أو صدق من قال إنه رآه-اعتقد أن الشخص الواحد يكون بمكانين فى حالة واحدة مخالف صريح المعقول اه‍. انظر: التوسل والوسيلة (ص ٥٣). قلت: إنه بالرغم من وقوع الخلافات والفتن المظلمة الشديدة بين صحابة النبى صلى الله عليه وسلم، كاختلاف أبى بكر مع فاطمة على الميراث، وكالفتنة التى وقعت بين معاوية وعلى رضى الله عنهما، وحرب أهل الردة، ومسألة جمع القرآن، وغيرها من الأمور الشديدة، لم يظهر لهم النبى صلى الله عليه وسلم، فكيف برب الكعبة يظهر لمن دونهم باتفاق، فإن قولهم شاذ، وهم من شواذ أهل العلم لما دخل على قلوبهم ومعتقداتهم من البدع، والضلالات التى لا أصل لها فى الكتاب ولا فى السنة، ومن العجب العجاب أن السيوطى له مؤلف فى ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
٣٩٠ - إسناده صحيح: رواه البخارى (٤٢)، ومسلم (٢٢٦٦)، وأبو داود (٥٠٢٣)، وابن ماجه (٣٩٠٠)، وأحمد فى مسنده (٢/ ٢٦١،٤٢٥)، (٥/ ٣٠٦)، والبغوى فى شرح السنة (٣٢٨٨)، والبيهقى فى الدلائل (٧/ ٤٥)، وابن أبى شيبة فى المصنف (١١/ ٥٦)، كلهم من طرق عن أبى هريرة رضى الله عنه وبزيادة ألفاظ متقاربة.

<<  <   >  >>