للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

باطل لأن شقهما إنما كان فى صدره وبطنه انتهى (١)، ويؤيده خبر مسلم عن أنس. «فلقد كنت أرى أثر المخيط فى صدره» (٢)، وانتصر بعضهم للقاضى فأوّل عبارته بما يصححها وإن كانت تنبو عنه وهو أن سبب التغليط فهم أن بين الكتفين متعلق بالشق، وليس كذلك، بل بأثر الختم لخبر أحمد وغيره «أنهما لما شقا صدره قال أحدهما للآخر: خطه فخاطه، واختم عليه بخاتم النبوة» (٣) فلما ثبت أنه بين كتفيه حمل القاضى ذلك على أن الشق لما وقع فى صدره، ثم خيط حتى التأم، كما كان ووقع الختم بين كتفيه، كان ذلك أثر الخاتم والبينة المذكورة تقريبية، وإلا فالصحيح أنه كان عند أعلى كتفه الأيسر. قال السهيلى (٤): وسيأتى التصريح به فى خبر مسلم، أو فى رواية: «أنه كان عند كتفه الأيمن»، والأول أرجح وأشهر فوجب تقديمه. واختلفوا: هل ولد به أو وضع بعد ولادته؟ قولان: لكن فى حديث البزار وغيره بيان وقت وضعه، وكيف وضع ومن وضعه وهو «قلت: يا رسول الله كيف علمت أنك نبى؟ وبم علمت حتى استيقنت؟ قال: «أتانى اثنان وفى رواية: «ملكان» وأنا ببطحاء مكة، فقال أحدهما لصاحبه: شق بطنه، فشق بطنى، فأخرج قلبى فأخرج منه مغمر الشيطان، وعلق الدم فطرحهما، فقال أحدهما لصاحبه: اغسل بطنه غسل الإناء، واغسل قلبه الملا، ثم قال أحدهما لصاحبه:

خط بطنه فخاط بطنى وجعل الخاتم بين كتفى كما هو الآن، ووليا عنى، فكأنى أرى الأمر معاينة» وعند أبى نعيم: «أنه لما ولد أخرج الملك صرة من حرير أبيض فيها خاتم، فضرب على كتفيه كالبيضة» وأخرج الحاكم عن وهب بن منبه: «لم يبعث الله نبيا إلا


(١) انظر: شرح الإمام النووى على مسلم (١٥/ ٩٩)، وهو قول القرطبى أيضا فى المفهم شرح صحيح مسلم كما نقل المناوى فقال: وهل ولد به أو وضع حين ولد أو عند شق صدره وهو صغير أو أنبأ؟ أقوال، قال الحافظ ابن حجر: أثبتها الثالث، وبه جزم القاضى عياض، لكنه بما لا يرتضى؟ حيث قال: هو أثر شق الملكين بين الكتفين وذلك كما قال النووى والقرطبى: باطل؛ لأن الشق فى صدره وبطنه، وتأويله بين الكتفين متعلق بأثر الختم لا بالشق حتى نفذ من وراء ظهره، ولو ثبت كونه مستطيلا، وهذه غفلة من الإمام! ولعله تحريف من نساخ كتابه، فإنه لم يسمع عليه فيما علمت. انتهى.
(٢) رواه مسلم فى الإيمان (٢٦٤)، وكذلك رواه البخارى فى مناقب الأنصار (٣٨٨٧).
(٣) رواه أحمد فى المسند (٤/ ٢٥٤،٢٥٥).
(٤) انظر: الروض الأنف له (١/ ٢٠٦،٢٠٧).

<<  <   >  >>