حامية صغيرة من الجيش والدعاء للسلطان العثماني في الخطبة. وأقدم وثيقة تتعلق بوظيفة القاضي تعود إلى سنة ٩٤٨ (١٥٤١)، إذ أن الشيخ عمر الوزان، الذي سيتحدث عنه الفكون (١)، قد اعتذر لباشا الجزائر في ذلك التاريخ عن تولي ذلك المنصب. ولا شك أن الباشا، الذي هو حسن آغا نفسه، قد قبل الاعتذار وعين عالما آخر من علماء قسنطينة باقتراح من الوزان نفسه وهو قاسم الفكون جد مترجمنا، والمتوفى سنة ٩٦٥. وتوضح وثيقة اعتذار الوزان عن القضاء أمرين هامين، الأول تبعية قسنطينة للسلطة العثمانية في الجزائر منذ ذلك التارخ (٩٤٨/ ١٥٤١)، والثاني عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في المدينة. وتدل عدة حوادث أخرى على الأمرين معا. فحاكم قسنطينة (الذي لا نعرف اسمه) وأهلها اشتركوا سنة (١٥٦٣/ ٩٧١) في الهجوم على وهران ضد الإسبان. كما عرفت مدينة قسنطينة عدة ثورات داخلية. منها ما حدث سنة (١٥٦٧/ ٩٧٥) ضد الحامية العثمانية.
والواقع أن الثورات لم تكد تتوقف في إقليم قسنطينة حتى بعد أن استقر الوضع للعثمانيين وأصبحوا يعينون حكامهم (البايات) بانتظام. وقد كثرت هذه الثورات حتى أصبح من الصعب إحصاؤها وتحديد آمادها. فمنها ما كان يحدث داخل المدينة نفسها نتيجة تنافس العائلات، أو ظهور شخصيات صوفية طموحة، أو حوادث عامة تهز المدينة وتقسم الرأي العام. ومنها ما كان يقع في الإقليم بين أهل الريف نتيجة السخط من
(١) توفي الوزان سنة ٩٦٥، وقد ترجم له الفكون في كتابه (منشور الهداية).