للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يؤمون عاصمة الإقليم لقضاء مآربهم في أسواقها. وكثير ما بقي بعض هؤلاء الوافدين في المدينة فيتخذون لهم مسكنا ويتزوجون أو يأتون بعائلاتهم معهم فينمو المجتمع ويتنوع ويتنافس، ولكن المجتمع الحضري كان في الغالب ينظر شزرا إلى هؤلاء (البرانية) فهو يريد تجارتهم وأموالهم وبضائعهم ويدهم العاملة ولكنه لا يريد بقاءهم في المدينة ومنافستهم وعاداتهم الخشنة التي لا تتفق مع عاداته الرقيقة وبالإضافة إلى ذلك كانت معظم العائلات الكبيرة تملك ضيعات (البساتين، خارج المدينة لا سيما في منطقة الحامة التي كانت تعرف أيضا (بالفحص الأبيض)، وكانوا غيورين أشد الغيرة على هذه الأراضي الزراعية الخصبة التي تمون المدينة بالغلال والبقول والخضر والألبان واللحوم ونحوها. وكانت العائلة لا تعتبر نفسها ثرية أو صاحبة اعتبار اجتماعي إلا إذا كانت تملك مجموعة من البساتين لا بستانا واحدا ولذلك كانت العائلات حريصة كل الحرص على توفر الأمن خارج المدينة أيضا حتى تستطيع القيام بعمارة الأرض وزراعتها في أوقاتها. أما إذا انعدم الأمن فكثرت اللصوص والحرابة وقطاع الطرق فإن الخوف يمنع الناس من استغلال أراضيهم، وسنعرف من كتابات الفكون ولا سيما في (منشور الهداية) عن موضوع العائلات وموضوع الأمن والخوف وأثرهما في الحياة العامة.

ولعل حرص عائلات قسنطينة على أراضيها وأسواقها وتجارتها هو الذي حدا بها إلى تأييد السلطة ضد ما كان يقع من ثورات في الريف أحيانا، كما حدا بها إلى أن تتدخل بالصلح وإصلاح

<<  <   >  >>