ونود أن نلاحظ أن الوزان كان من العلماء الزهاد أيضا، وكان متفرغا للتدريس وإخراج التلاميذ. ومن أجل ذلك رفض وظيفة القضاء التي عرضت عليه من قبل العثمانيين سنة ٩٤٨ معتذرا بعدم أهليته وباضطراب الأحوال بقسنطينة، ولعمر الوزان أيضا مؤلفات منها واحد في الرد على زعم الطائفة الشابية، عرفة القيرواني الذي ثار على الأمير الحفصي ومن تلاميذ الوزان عبد الكريم الفكون، جد من نترجم له والذي لعب دورا سياسيا ودينيا خلال القرن العاشر، وكذلك يحيى الأوراسي الذي انتصب للتدريس أيضا ثم اعتصم بجبال أوراس وأعلن الثورة على حكومة العثمانيين بقسنطينة، وبعد مقتله تولى الثورة أخوه ثم ابنه كما سبق وأن ذكرنا. أما يحيى الفكون فقد كان إماما بجامع الزيتونة بتونس عندما هاجمها الإسبان واستولوا عليها ودنسوا حرمة الجامع المذكور وكان يحيى الفكون من ضحاياهم إذ قتله الجنود الإسبان بجامع الزيتونة سنة ١٥٢٨/ ٩٣٥ (١).
وكان مصير عبد الرحمان الأخضري يختلف عن ذلك. فقد كان أبرز من أنجبت الجزائر خلال هذا القرن ومن أخصبهم إنتاجا ومن أوسعهم شهرة في ميدان التأليف والتأثير في العالم الإسلامي، ذلك أن كتب الأخضري في المنطق والفرائض والبيان والمعاني والفلك والحساب كانت هي الكتب المقررة على الطلاب في الجامعات الإسلامية فترة طويلة، وما تزال، وقد كثر
(١) يذكر الفكون أن يحيى هذا قد توفي مجاهدا في تونس في واقعة سنة ١٥٣٤/ ٩٤١ م.