بتولي القضاء والفتوى والتدريس والإمامة والخطابة والتأليف في بعض العلوم وكان بينهم في بعض الأحيان تنافس، وكانت صلتهم بالسلطة المحلية أحيانا تنتهي بامتحان عسير يفضي إلى السجن وأحيانا إلى الموت.
فإذا انتقلنا إلى القرن الحادي عشر الهجري وهو عصر الفكون الحفيد، وجدنا مجموعة أخرى من العلماء العاملين رغم أن نظرة الفكون إليهم لا ترقى إلى نظرته إلى من سبقوهم في أغلب الأحيان. ونلاحظ أن علماء هذا القرن كانوا قليلي التأليف بالمقارنة. وقلما نجد من بينهم شاعرا مفلقا أو خطيا مصقعا فهل هذا يعود إلى ضعف العارضة العلمية عندهم؟ قد يكون ذلك، ولكن الفكون الذي ذكر هذه النماذج كان ثائرا على أمثال هؤلاء لكونهم باعوا أنفسهم للسلطة وتنافسوا من أجل المناصب الشرعية لم يرعوا لها حرمة لأنهم غير أهل لها. فهل هذا مبالغة منه فقط؟ ربما يكون ذلك صحيحا لو وجدنا ما يخطيء الفكون فيما ذهب إليه. ذلك أننا بدراستنا للحياة الثقافية بقسنطينة ونواحيها لا نكاد نجد، فعلا سوى علماء بسطاء، إذا استثنيناه هو. فهذا مثلا بركات بن باديس وعاشور القسنطينى المعروف بالفكيرين ومحمد ساسي البوني وأمثالهم ليسوا من الفطاحل الذين يجعلوننا نخطيء الفكون. حقا إن القرن الحادي عشر لم يعرف بقسنطينة ونواحيها شاعرا عظيما واحدا ولا مؤلفا معروفا وإذن فإن دعوى الفكون وحملته على أدعياء العلم في عصره وثورته على الجهل قد تكون صحيحة.
ومهما كان الأمر فقد ذكر الفكون نماذج من العلماء تميزوا