وكما اشتهرت، قسنطينة ونواحيها بهذه الحياة العلمية التي مثلها رجال اشتهروا بالوظائف والتدريس والتأليف سواء في القرن العاشر أو الحادي عشر، اشتهرت أيضا بعدد من العلماء الزائرين والطلبة الراغبين في تحصيل العلم فيها. ولا سبيل إلى ذكر هؤلاء جميعا، لأن بعضهم كان عابر طريق، وبعضهم أقام مدة ثم رجع إلى بلاده ثم عاد إليها ثانية، وبعضهم استقر بها إلى أن أدركته الوفاة ونحن نجد في مؤلفات الفكون نفسه أسماء لهؤلاء العلماء والطلبة، بعضهم جاء من زواوة (والمقصود بها بجاية ونواحيها) وأسماؤهم كثيرة منهم محمد الفقيه الزواوي وابن راشد الذي سبق ذكره وأحمد بن تكفة، وعلي البهلول. وهناك من جاء من نواحي الجزائر ومن بني بترون وبني هارون، ومن جاء من نواحي الأوراس والزيبان، ومن جاء من نواحي عنابة إلخ. أما من المغاربة فنجد أسماء محمد السوسي المعروف في كتب أخرى باسم الشريف السوسي والذي كان ينظم الشعر ويدعي العلم، وقد ذهب إلى الجزائر لطلب الفتوى ولكن الوفاة أدركته قبل رجوعه إلى قسنطينة، وبينه وبين الفكون مراسلات ومساجلات شعرية، وكذلك أحمد الفاسي الذي قال عنه إنه تعاطى الكتابة لأحد أمراء العرب وهو يعني بهم العبابسة (قلعة بني عباس؟) ولكنه ذمه على اشتراكه في مجالس الخنا واللهو. وقد وصل به
(١) انظر كتابنا (تجارب في الأدب والرحلة) الجزائر ١٩٨٤ ففيه رساتل من البوني إلى يوسف باشا سنة ١٠٥٠.