مخضرم ومضطرب عرفته قسنطينة عند انتقالها من إدارة حفصية إلى إدارة عثمانية، فإن أبا محمد عبد الكريم قد وجد في فترة أخذت فيها الأمور تستتب في المدينة وإعلان الطاعة لحكومة الجزائر المركزية يتضح. ولكن الحياة السياسية لم تتركه. فقد تعرض هذا الجد للخطر عند حدوث اضطرابات في المدينة أدت إلى خلع البيعة من العثمانيين تماما، وبحكم منصب وعلمه بعثه السكان لباشا الجزائر عندئذ محمد بن صالح رايس، سعيا في الصلح، وكان يرافقه في هذه المهمة الخطيرة عالم آخر مرموق هو عبد اللطيف المسبح. ولم يكد ينتهي بهما المطاف لدى الباشا والاتفاق معه على الصلح حتى حدثت تلك الاضطرابات وخلع الناس البيعة (سنة ٩٧٥) فخاف الفكون والمسبح مغبة الأمر فهربا إلى بلاد زواوة (ناحية القبائل اليوم)، ولكن الباشا أمر بالبحث، عنهما وإحضارهما وسجنهما. وعندما اتضحت الأمور بإثبات براءتهما مما حدث أطلق الباشا سراحهما وأعادهما مكرمين إلى قسنطينة. وقد حضر إلى المدينة أيضا الباشا نفسه، وبذل العالمان المذكوران جهودهما في الصلح والعافية وحقن الدماء.
ويعلق بعض المؤرخين نتائج هامة على هذه العلاقة بين السلطة العثمانية وعائلة الفكون وعلى رأسها أبو محمد عبد الكريم الفكون. وسنتعرض إلى ذلك بعد قليل (١) وعلى كل حال فإن حفيده قد وصف ما جرى لجده عندئذ بأنه (امتحان)