أخرى فإن الفكون لم يتحدث أبدا عن حج جده، سواء بنفسه أو على رأس وفد رسمي، ونعتقد أن جده لم يحج أصلا، ولو قد فعل لما أهمل حفيده ذكر ذلك لأن الحج كان عندئذ مناسبة علمية ودينية يحرص المترجمون على ذكرها لمترجميهم. فكيف نقول مع القائلين أن مشيخة الإسلام وأمارة ركب الحج فد منحها العثمانيون لعبد الكريم الجد وورثها منه ابنه محمد ثم حفيده عبد الكريم الذي نحن بصدد الترجمة له؟
ومنها أن الفكون ذكر في ترجمة أحد معاصريه، وهو الشيخ محمد الفقيه الزواوي، ما يدل على أن إمارة ركب الحج كانت ما تزال، أثناء حياة والده، في يد عائلة ابن عبد المؤمن. ولكن الفكون لم يذكر تاريخ ذلك بالضبط. غير أننا نستنتج من سياق القصة أن ذلك وقع بعد ١٠٤٥ سنة وفاة والد الفكون. فهو يقول عن نفسه أنه تدخل لمنع الشيخ محمد الفقيه المذكور من الحج ثانية رفقة محمد، حفيد الشيخ عبد المؤمن (أمير ركب الحج؟) لأن محمد الفقيه كان قد سبق له الحج، بينما أهله محتاجون إلى النفقة. ولكن محمد الفقيه حج مع ذلك مع حفيد الشيخ عبد المؤمن مخالفا نصيحة الفكون. ولم يكن الفكون ضمن هذا الركب على كل حال، لأنه يخبر أن الشيخ محمد الفقيه وقف عند الفكون بعد رجوعه من الحج وأعلن ندمه عن فعله. وها نحن نسوق عبارة الفكون نفسه. قال إن الشيخ محمد الفقيه جاء إلى قسنطينة من زواوة وتزوج ومارس التدريس بجامع القصبة، و (خطر بباله الحج ثانيا فأنعم له بحمله له حبيبنا محمد، حفيد الشيخ عبد المؤمن. فأرسل إلي في شأن إمساكه صهره وأهله،