العامة. ولا أحد يعترض عليها، بما في ذلك موظفو الجامع والقضاة ولا حتى ممثل الوالي (الباي)، ولا أي شخص آخر مهما علا قدره. وكان التمتع بهذه الامتيازات يصدر من باشوات الجزائر ومن بايات قسنطينة معا. بل أصبح المنصب نفسه وراثيا. وكانت العائلة تأخذ بمقتضى ذلك عشر ما يستورد إلى المدينة من البضائع كالزرابي والخشب. وأصبحت تتدخل في الشؤون السياسية إذا كانت تتعلق بالأمن العام والصالح العام. من ذلك أن الفكون هو الذي اقترح على السلطة المركزية في الجزائر اسم باي جديد على قسنطينة فقبلت اقتراحه، وذلك بعد ثورة شيخ العرب أحمد بن الصخري سنة ١٠٤٧ (١٦٣٧ م).
وتذكر بعض المصادر أن هذا الباي المقترح هو فرحات باي وأنه تولى منصبه سنة ١٠٥٧ (١٦٤٧ م) متحالفا بذلك مع الفكون الذي نترجم نحن له. وقد بقي فرحات باي في الحكم سنتين بعد وفاة الفكون نفسه سنة ١٠٧٣، إذ توفي سنة ١٠٧٥، بعد أن كان قد عين كل منهما ولده في مكانه: الفكون خلفه ابنه محمد الفكون، الذي تحدث عنه أحمد برناز، وفرحات باي خلفه ابنه مجمد أيضا، ووافق على كل منهما باشا الجزائر. وهكذا بقي الرجلان (عبد الكريم الفكون وفرحات باي) حوالي ست عشرة سنة في تحالف من أجل الصالح العام، وكان عهدهما عهد استقرار لم تعرفه قسنطينة من قبل (١) فهل يصح بعد ذلك أن
(١) ما تزال معلوماتنا عن محمد بن فرحات غامضة. فالفكون نفسه يذكره في كتابه (منشور الهداية) ويصفه تارة بالقائد وتارة بالأمير. والمعروف أن =