للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الشيخ الزواوي أجاب بما ثنى عزم الإبن عن الرحيل إلى الحجاز، وما فهم أن المؤمن قد يفر من أرض فيها ظلم إلى أرض يسمع أن ظلمها أقل، فإذا حل بها وجد ظلمها أعظم من الأولى. وهكذا يظل متنقلا في الطرقات إلى أن يدركه الموت وهو على تلك الحال. وقد يكون من المفيد أن نسوق عبارة الفكون نفسه بهذا الصدد. قال عن زيارة الشيخ محمد الموهوب لهم:

(وكنت إذاك مشغوفا بالنقلة لأرض الحجاز، طالبا على الوالد ذلك. فاستشاره (أي الشيخ الموهوب)، أو خاطبته أنا في ذلك، الشك مني، فسمعته ذكر حديثا عن سيدنا رسول الله (ص) تسليما أن المؤمن آخر الزمان يموت بين الطرق، أو كما قال، إلا أن هذا معناه. قال وذلك أنه يفر من وطنه لما يناله منه من المناكر والظلم ونحوهما إلى وطن آخر يسمع عنه أنه أسد وأصلح فينتقل إليه فيجده أفسد من وطنه الدي ارتحل عنه وأكثر ظلما ومنكرا، فيندم على ارتحاله منه ويظنه أنه فاق على الحالة التي تركه، فيرتحل إليه فيجده أسوأ حالا من المكان الذي جاء منه. ولا يزال كذلك بين الطرقات حتى يأتيه الموت وهو على ذلك الحال). (ص ٢٣٦).

ولكن الفكون لم يخبر ماذا قرر بعد ذلك. والظاهر أنه قرر البقاء في وطنه رغم المناكر والظلم والفساد الذي فيه ولم يذكر متى حدث له ذلك ولكنه اكتفى بقوله أنه كان عندئذ ما يزال صغير السن, وكل ما يمكن أن نستنتجه من هذا النص أن حالة

<<  <   >  >>