للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنه يحتمل التأويل أي صرفه عن ظاهره وإرادة معنى آخر منه، فإذا كان الظاهر عاما يحتمل أن يخصص، وإن كان مطلقًا يحتمل أن يقيد، وإن كان حقيقة يحتمل أن يراد به معنى مجازي، وغير ذلك من وجوه التأويل.

وأنه يقبل النسخ، أي أن حكمه الظاهر منه يصح في عهد الرسالة، وفي زمن التشريع أن ينسخ ويشرع حكم بدله متى كان من الأحكام الفرعية الجزئية التي تتغير بتغير المصالح وتقبل النسخ.

٢- النص:

النص في اصطلاح الأصوليين: هو ما دل بنفس صيغته على المعنى المقصود أصالة من سياقه، ويحمل التأويل: فمتى كان المرد متبادرًا فهه من اللفظ، ولا يتوقف فهمه على أمر خارجي، وكان هو المقصود أصالة من السياق، يعتبر اللفظ نصًّا عليه.

فقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} نص على نفي المماثلة بين البيع والربا؛ لأنه معنى متبادر فهمه من اللفظ، ومقصود أصالة من سياقه.

وقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} نص على قصر أقصى عدد من الزوجات على أربع؛ لأنه معنى متبادر فهمه من اللفظ ومقصود أصالة من سياقه.

وقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} نص على وجوب طاعة الرسول في قسة الفيء إعطاء ومنعا؛ لأنه المقصود من سياقه.

وحكمه حكم الظاهر، فيجب العمل بما هو نص عليه، ويحتمل أن يؤول أي يراد منه غير ما هو نص عليه، ويقبل النسخ على ما بينا في الظاهر، ولهذا أخذ من قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ.....} إباحة الزواج وقصر العدد على أربع أو واحدة.

فكل من الظاهر والنص واضح الدلالة على معناه، أي لا يتوقف فهم المراد من كل منهما على أمر خارجي، ويجب العمل بما وضحت دلالة منهما عليه، ويحتمل أن يؤول كل منهما بأن يراد منه غير ما وضحت دلالته عليه إذا ما وجد ما يقتضي هذا التأويل.

<<  <   >  >>