للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيجاب صاع من تمر هو تعويض البائع عما أتلفه من لبن شاته، وقد يتراضيان على التعويض بقيمة اللبن، أو بأي تعويض آخر غير الصاع من التمر، والمقصود هو مثل ما تلف أو قيمته، وهذا هو الأصل العام شرعا في ضمان المتلفات، وكذلك تأويل الثلث للأم بثلث ما بقي بعد فرض أحد الزوجين في إحدى المسألتين الغراوين، منعا من زيادة نصيبها في الإرث عن نصيب الأب.

ومن أمثلة ذلك في القانون الجنائي، لفظ الليل في جعله جريمة السرقة وفي جريمة إتلاف المزروعات ظرفا مشددا، فإذا أخذ بظاهر النص أريد بالليل من غروب الشمس إلى شروقها، ولكن هذا ربما لا يتفق وحكمة الشارع في جعل الليل ظرفا مشددا؛ لأن الغرض تشديد العقوبة على من يغتنم الظلام فرصة لارتكاب جريمته، فيراد بالليل إذا خيم الظلام، وربما لا يكون ذلك أثر غروب الشمس مباشرة.

ومن التأويل الذي هو موضع نظر، تأويل قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} ، بإرادة عشرة مساكين أو مسكينًا واحدًا عشر مرات.

وقوله تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} بإرادة مسكينا أو مسكينا واحدا ستين مرة، وقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} بإرادة الهبة، أي إذا وهب أحدكم هبة ليعوض الواهب خيرا منها أو مثلها.

وإغلاق باب التأويل كله والأخذ بالظاهر دائما، كما هو مذهب الظاهرية، قد يؤدي إلى البعد عن روح التشريع والخروج عن أصوله العامة، وإظهار النصوص متخالفة.

وفتح باب التأويل على مصراعيه بدون حذر واحتياط، قد يؤدي إلى الزلل والعبث بالنصوص ومتابعة الأهواء، والحق هو في احتمال التأويل الصحيح، وهو ما دل عليه دليل من نص أو قياس أو أصول عامة، ولا يأباه اللفظ بل يحتمل الدلالة عليه بطريق الحقيقة أو المجاز، ولم يعارض نصا صريحا.

٣- المفسر:

في اصطلاح الأصوليين: هو ما دل بنفسه على معناه المفصل تفصيلا لا يبقى معه احتمال للتأويل، فمن ذلك، أن تكون الصيغة دالة بنفسها دلالة واضحة على معنى مفصل، وفيها ما ينفي احتمال إرادة غير معناها؛ كقوله تعالى في

<<  <   >  >>