للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء الرسل كلهم بشر مخلوقون لله، ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية نصيب، فلا يصرف لهم من العبادة أي جزء، ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، قال الله - تعالى - عن نوح - عليه السلام - وهو أولهم - أنه قال لقومه: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} [هود: ٣١] (١) وأمر الله تعالى محمدا - وهو آخرهم - أن يقول: {لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [الأنعام: ٥٠] (٢) وأن يقول: {لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: ١٨٨] (٣) .

فالأنبياء عبيد مكرمون، اصطفاهم الله وأكرمهم بالرسالة، ووصفهم بالعبودية، دينهم الإسلام، ولا يقبل الله دينا سواه، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩] (٤) اتفقت رسالاتهم في أصولها، وتنوعت شرائعهم، قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨] (٥) وخاتمة هذه الشرائع شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي ناسخة لكل شريعة سابقة، وأن رسالته خاتمة الرسالات، وهو خاتم المرسلين.

فمن آمن بنبي وجب عليه أن يؤمن بهم جميعا، ومن كذب نبيا فقد كذبهم جميعا؛ لأن جميع الأنبياء والمرسلين يدعون إلى الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولأن دينهم واحد، فالذي يفرق بينهم، أو يؤمن ببعضهم ويكفر ببعض فقد كفر بهم جميعا؛ لأن كلا منهم


(١) سورة هود، الآية: ٣١.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٥٠.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٨٨.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٩.
(٥) سورة المائدة، الآية: ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>