حكمة خلق الإنسان سبق الحديث في الفقرة السابقة أن الله خلق آدم، وخلق له زوجه حواء وأسكنهما الجنة، ثم عصى آدم ربه، ثم استغفره فتاب عليه وهداه، وأمره بأن يخرج من الجنة، وينزل إلى الأرض، ولله سبحانه وتعالى في ذلك من الحكم ما تعجز العقول عن معرفته، والألسن عن صفته، وسنستعرض في هذه الوقفات شيئا من هذه الحكم فمنها: ١ - أن الله - سبحانه - خلق الخلق لعبادته، وهي الغاية من خلقهم قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦](١) ومعلوم أن كمال العبودية المطلوب من الخلق لا يحصل في دار النعيم والبقاء، إنما يحصل في دار المحنة والبلاء، أما دار البقاء فدار لذة ونعيم، لا دار امتحان وتكليف.
٢ - أنه - سبحانه - أراد أن يتخذ منهم أنبياء ورسلا وأولياء وشهداء يحبهم ويحبونه، فخلى بينهم وبين أعدائه وامتحنهم بهم، فلما آثروه وبذلوا نفوسهم وأموالهم في مرضاته ومحبته، نالوا من محبته ورضوانه والقرب منه ما لم يكن لينال بدون ذلك أصلا،