المرتبة الثالثة الإحسان وهو ركن واحد وهو: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فيعبد الإنسان ربه على هذه الصفة، وهي استحضار قربه، وأنه بين يديه، وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم، ويوجب النصح في أداء العبادة، وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها.
فالعبد يراقب ربه في أداء العبادة، ويستحضر قربه منه حتى كأنه يراه، فإن شق عليه ذلك فليستعن على تحقيقه بإيمانه بأن الله يراه ويطلع على سره وعلانيته، وباطنه وظاهره، ولا يخفى عليه شيء من أمره (١) .
فالعبد الذي بلغ هذه المنزلة يعبد ربه مخلصا، لا يلتفت إلى أحد سواه، فلا ينتظر ثناء الناس، ولا يخشى ذمهم، إذ حسبه أن يرضى عنه ربه، ويحمده مولاه.
فهو إنسان تساوت علانيته وسره، فهو عابد لربه في الخلوة والجلوة، موقن - تمام اليقين - أن الله مطلع على ما يكنه قلبه وتوسوس به نفسه، هيمن الإيمان على قلبه، واستشعر رقابة ربه عليه، فاستسلمت جوارحه لبارئها، فلا يعمل بها من العمل إلا ما يحبه الله ويرضاه، مستسلم لربه.