للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حقيقة النبوة]

حقيقة النبوة إن أعظم ما يجب على الإنسان أن يعلمه في هذه الحياة معرفة ربه الذي أوجده من عدم، وأسبغ عليه النعم، وإن أعظم غاية خلق الله الخلق لأجلها هي عبادته وحده سبحانه.

ولكن كيف يعرف الإنسان ربه حق معرفته وما يجب له من الحقوق والواجبات؟ وكيف يعبد ربه؟ إن الإنسان يجد من يعينه على نوائب دهره، ويقضي له مصالحه من علاج مرض، وتقديم دواء، وإعانة على بناء مسكن وما شابه ذلك، ولكنه لن يجد في سائر الناس من يعرفه بربه، ويبين له كيف يعبد ربه، لأن العقول لا يمكن أن تستقل بمعرفة مراد الله منها، إذ العقل البشري أضعف من أن يدرك مراد بشر مثله قبل أن يخبره بمراده، فكيف بمعرفة مراد الله؟ ولأن هذه المهمة مقصورة على الرسل والأنبياء الذين يصطفيهم الله لإبلاغ الرسالة، وعلى من بعدهم من أئمة الهدى ورثة الأنبياء، الذين يحملون منهاجهم، ويقتفون آثارهم، ويبلغون عنهم رسالتهم، لأن البشر لا يمكن أن يتلقوا عن الله مباشرة، وهم لا يستطيعون ذلك، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: ٥١] (١) فلا بد من واسطة وسفير يبلغ عن الله شرعه إلى


(١) سورة الشورى، الآية: ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>