حاجة البشر إلى الدين حاجة البشر إلى الدين أعظم من حاجتهم إلى ما سواه من ضرورات الحياة، لأن الإنسان لا بد له من معرفة مواقع رضى الله - سبحانه - ومواقع سخطه، ولا بد له من حركة يجلب بها منفعته، وحركة يدفع بها مضرته، والشرع هو الذي يميز بين الأفعال التي تنفع والتي تضر، وهو عدل الله في خلقه، ونوره بين عباده، فلا يمكن للناس أن يعيشوا بلا شرع يميزون به بين ما يفعلونه وما يتركونه.
وإذا كان للإنسان إرادة فلا بد له من معرفة ما يريده، وهل هو نافع له أو ضار؟ وهل يصلحه أو يفسده؟ وهذا قد يعرفه بعض الناس بفطرهم، وبعضه يعرفونه بالاستدلال إليه بعقولهم، وبعضه لا يعرفونه إلا بتعريف الرسل وبيانهم لهم وهدايتهم إياهم (١) .
فمهما استعلنت المذاهب المادية الإلحادية وتزخرفت، ومهما تعددت الأفكار والنظريات فلن تغني الأفراد والمجتمعات عن الدين الصحيح، ولن تستطيع أن تلبي متطلبات الروح والجسد، بل كلما توغل
(١) انظر التدمرية، تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية، ص: ٢١٣، ٢١٤، ومفتاح دار السعادة، جـ ٢، ص: ٣٨٣.