للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفرد فيها أيقن تمام اليقين أنها لا تمنحه آمنا، ولا تروي له ظمأ، وألا مهرب منها إلا إلى الدين الصحيح، يقول أرنست رينان: " إن من الممكن أن يضمحل كل شيء نحبه، وأن تبطل حرية استعمال العقل والعلم والصناعة، ولكن يستحيل أن ينمحي التدين، بل سيبقى حجة ناطقة على بطلان المذهب المادي الذي يريد أن يحصر الإنسان في المضايق الدنيئة للحياة الأرضية " (١) .

ويقول محمد فريد وجدي: " يستحيل أن تتلاشى فكرة التدين، لأنها أرقى ميول النفس وأكرم عواطفها، ناهيك بميل يرفع رأس الإنسان، بل إن هذا الميل سيزداد، ففطرة التدين ستلاحق الإنسان مادام ذا عقل يعقل به الجمال والقبح، وستزداد فيه هذه الفطرة على نسبة علو مداركه ونمو معارفه " (٢) .

فإذا ابتعد الإنسان عن ربه فعلى قدر علو مداركه واتساع آفاق علمه، يدرك عظم جهله بربه وما يجب له، وجهله بنفسه وما يصلحها ويفسدها، ويسعدها ويشقيها، وجهله في جزئيات العلوم ومفرداتها كعلوم الأفلاك والمجرات وعلوم الحاسب والنواة وغيرها. . . وحينئذ يتراجع العالم من مرحلة الغرور والكبرياء إلى التواضع والاستسلام، ويعتقد أن وراء العلوم عالما حكيما، ووراء الطبيعة خالقا قادرا، وتلزم


(١) انظر: الدين، تأليف محمد عبد الله دراز، ص: ٨٧.
(٢) المصدر السابق، ص: ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>