للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يضرك ويخيب آمالك، ويضيع جهودك ويجلب لك المحن والآفات، وتريد دفعه عن نفسك، فتدفعه مرة وتعجز أخرى. . ألم تستشعر فقرك وحاجتك إلى الله؟ والله يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: ١٥] (١) .

يعترضك فيروس ضعيف لا تراه العين المجردة، فيرديك صريع المرض، فلا تستطيع دفعه، وتذهب إلى إنسان ضعيف مثلك ليعالجك، فمرة يصيب الدواء، وتارة يعجز الطبيب، فتعم الحيرة المريض والطبيب.

ألا ما أضعفك يا ابن آدم، لو سلبك الذباب شيئا ما استطعت استعادته منه، وصدق الله حيث يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: ٧٣] (٢) فإذا كنت لا تستطيع استنقاذ ما سلبك الذباب فماذا تملك من أمرك؟ : " ناصيتك بيد الله، ونفسك بيده، وقلبك بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبه كيف يشاء، وحياتك وموتك بيده، وسعادتك وشقاوتك بيده، وحركاتك وسكناتك وأقوالك بإذن الله ومشيئته، فلا تتحرك إلا بإذنه ولا تفعل إلا بمشيئته، إن وكلك إلى نفسك وكلك إلى عجز وضعف وتفريط وذنب وخطيئة، وإن وكلك إلى غيرك، وكلك


(١) سورة فاطر، الآية: ١٥.
(٢) سورة الحج، الآية ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>