للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى أصبح منهم حشد يفوق الحد والإحصاء (١) .

هذا شأن الديانات، أما البلاد المتمدنة التي قامت فيها حكومات عظيمة، وشاعت فيها علوم كثيرة، وكانت مهد الحضارة والصناعات والآداب، فقد كانت بلادا مسخت فيها الديانات، وفقدت أصالتها وقوتها، وفقد المصلحون، وغاب المعلمون، واستعلن فيها الإلحاد، وكثر فيها الفساد، وتبدلت فيه المعايير، وهان الإنسان فيها على نفسه؛ ولذا كثر الانتحار، وتقطعت الروابط الأسرية، وتفككت العلائق الاجتماعية، وغصت فيها عيادات الأطباء النفسيين بالمراجعين، وقام فيها سوق المشعوذين، وجرب الإنسان فيها كل متعة، واتبع كل نحلة مستحدثة، رغبة في إرواء روحه وإسعاد نفسه وطمأنينة قلبه، فلم تفلح هذه المتع والملل والنظريات في تحقيق ذلك، وسيستمر في هذا الشقاء النفسي، والعذاب الروحي حتى يتصل بخالقه، ويعبده وفق منهجه الذي ارتضاه لنفسه وأمر به رسله، قال تعالى موضحا حال من أعرض عن ربه، وابتغى الهدى من غيره: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: ١٢٤] (٢) وقال سبحانه وتعالى مخبرا عن أمن المؤمنين وسعادتهم في هذه الحياة: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: ٨٢] (٣) وقال جل ثناؤه:


(١) انظر السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي، ص: ١٩ - ٢٨.
(٢) سورة طه، الآية: ١٢٤.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>