للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هي عليه لخرجت عن الحكمة والمصلحة والرحمة، بل من المحال أن تأتي بخلاف ما أتت به: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: ٧١] (١) وكيف يجوز ذو العقل أن ترد شريعة أحكم الحاكمين بضد ما وردت به " (٢) .

ولهذا كان دين الأنبياء واحدا كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ - وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: ٥١ - ٥٢] (٣) وقال عز من قائل: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣] (٤) .

بل المقصود بالدين وصول العباد إلى ما خلقوا له من عبادة ربهم وحده لا شريك له (٥) فيشرع لهم من الحقوق ما يجب عليهم القيام بها، ويكفل لهم من الواجبات، ويمدهم بالوسائل التي تبلغهم هذه الغاية، ليتحقق لهم رضى الله، وسعادة الدارين وفق منهج إلهي لا يمزق العبد كل ممزق، ولا يصيب شخصيته بداء الفصام النكد الذي ينتهي به إلى التصادم بين فطرته وروحه والكون من حوله.


(١) سورة المؤمنون، الآية: ٧١.
(٢) مفتاح دار السعادة، جـ ٢، ص: ٣٨٣، وانظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، جـ ٤، ص ٣٢٢، ولوامع الأنوار للسفاريني، جـ ٢، ص: ٢٦٣.
(٣) سورة المؤمنون، الآيتان: ٥١، ٥٢.
(٤) سورة الشورى، الآية: ١٣.
(٥) مجموع فتاوى ابن تيمية، جـ ٢، ص: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>