للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشام، في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد (١) فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء (٢) فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم، ودعا بترجمانه، فقال: أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسبا. فقال: ادنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره. ثم قال لترجمانه: قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه، قال: فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه، ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون. قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل يغدر؟ قلت: لا. ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها. قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة. قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول اعبدوا الله وحده ولا


(١) أي في مدة صلح الحديبية، وكانت مدتها عشر سنين، وكانت سنة ست للهجرة، انظر فتح الباري، ص: ٣٤.
(٢) بلدة الشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>