وإن أختم بشيء فهو الإعجاب الذي لا يحد بالمحدثين الذين جاهدوا لعلمهم وأخلصوا له أكبر جهاد وأتم إخلاص، وأشهد لقد كانوا في دقتهم وتحريهم وإحاطتهم وإتقانهم معجزة الله في المؤلفين. وما أزعم أني أدركت مدى تعبهم واجتهادهم، وإنما استطعت - وأنا أُخرج هذه الرسالة - أن أكون في نفسي فكرة عن جهادهم في سبيل السنة. لقد آمنت بعظمتهم وعظمة عملهم وأنهم الشهداء الصامتون وأن مدادهم أثمن من دم شهداء المعركة، وإني لم أر ولم أسمع ولم أتخيل أن أناسًا لهم مثل تلك الهمم والعزائم والصبر والأمانة. وإني لأخجل حين أقرر أني - على كثرة من أعرف من ذوي الجلادة والهمة والانقطاع لخدمة العلم - عجزت أن أعد واحدًا بذل معشار ما كان يبذل أصغر أولئك المحدثين. وما لي أخجل؟ وقد أيقنت أن ما قدموا هو شيء فوق طوق البشر الذين نعرف، فرحمهم الله وأثابهم ونفع بهم وقيض لهذا العلم الجليل من يعنى به على غرارهم.
سعيد الافغاني
١٥ صفر سنة ١٣٥٨ هـ
٥ نيسان سنة ١٩٣٩ م
تنبيه ١ - الأرقام التي على الهامش تشير إلى صحف الأصل المخطوط ابتداء من خطبة الكتاب. وما داخل [] زيادة ليست في الأصل.
تنبيه ٢ - أخطأ مجلد هذه المجموعة فوضع ثماني أوراق من الأصل في آخر الرسالة بعد السماع، وتبدأ بالحديث السادس من استدراكاتها على عمر بن الخطاب، ثم باستدراكاتها على علي بن أبي طالب، ثم باستدراكاتها على عبد الله بن عباس، وتنتهي بآخرها وهو الحديث الثامن، لننتقل بعده إلى استدراكاتها على عبد الله بن عمر، وقد وضعناها في طبعتنا في موضعها الصحيح.