ثنا الحسن بن صالح، حدثني سليمان بن عطاء الجزري، حدثني مسلمة الجهني، عن عمه أبي مشجعة عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ: "سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم" وقال ابن الجوزي في مشكله: "العرب تفضل الثريد لأنه أسهل في تناوله، ولأنه يأخذ جوهر المرق" اهـ. فلم يقف على هذا المعنى الحسن. وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في طبقاته:"روينا عن الإمام أبي الطيب سهل الصعلوكي أنه قال في قول النبي ﷺ "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" أراد فضل ثريد عمرو (١) الْعُلى الذي عظم نفعه وقدره، وعم خيره وبره، وبقي له ولعقبه ذكر حتى قال فيه القائل:
عمرو العلى هشم الثريد لقومه … ورجال مكة مسنتون عجاف
ثم قال ابن الصلاح: "أبعد سهلٌ في تأويل الحديث والذي أراه: أن معناه ثريد كل طعام على باقي ذلك الطعام. وسائر بمعنى باقي .. وهو كذلك، فإن خير اللحم قد حصل فيه فهو أفضل منه" ا هـ.
وسئل ابن الحاجب في أماليه عن قوله ﷺ: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران وآسية، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" هل الألف واللام لاستغراق الجنس أولا؟ فأجاب: "بأن النساء في الأول لمن عدا عائشة. وفي الثاني لمن عدا مريم وآسية" فلا دلالة فيها على تفضيل أحد القبيلين على الآخر، كقولك زيد أفضل القوم وعمرو أفضل القوم: فيه دليل على أنهما أفضل القوم ولا تفضيل لمجرد ذلك لأحدهما على الآخر.
(١) هو هاشم الأب الثالث لرسول الله ﷺ قالوا: وهو أول من فعل ذلك.