"يرحم الله أَبا عبد الرحمن، ما اعتمر رسول الله ﷺ إلا وهو معه، وما اعتمر في رجب قط". قال ابن الجوزي في مشكله:"سكوت ابن عمر لا يخلو من حالين: إما أَن يكون قد شك فسكت، أَو أَن يكون ذكر بعد النسيان فرجع بسكوته إلى قولها. وعائشة قد ضبطت هذا ضبطًا جيدًا وقال أَنس: "اعتمر رسول الله ﷺ أَربع عمر كلها في ذي القعدة" وهذا الحديث يدل على حفظ عائشة وحسن فهمها.
وقد جاءَ الإنكار عليه منها على وجه آخر أَخرجه أَبو داوود والنسائي وابن ماجه من جهة مجاهد قال: سئل ابن عمر: كم اعتمر رسول الله ﷺ فقال: "مرتين" فقالت عائشة: "لقد علم ابن عمر أَن رسول الله ﷺ قد اعتمر ثلاثًا سوى التي قرنها بحجة الوداع". وقد سبق أَن البخاري ومسلمًا (١) رويا حديث مجاهد عن عائشة، وهو منها تصريح منها تصريح بأَنه سمع منها لا سيما على شرط البخاري. لكن قال يحيى بن سعيد القطان: لم يسمع مجاهد من عائشة، وكان شعبة بن الحجاج ينكره. وهو قول يحيى بن معين وأَبي حاتم الرازي أَيضًا. وفي هذا الحديث أَمر آخر غير مخالفة ما سبق، وهو أَن عائشة روت الإفراد عن النبي ﷺ، لكن قال الطحاوي في معاني الآثار: "هذا لا ينافيه فيجوز أَن تكون قد علمت أَنه ﷺ ابتدأَ فأَحرم بعمرة لم يقرنها حينئذ بحجة، فمضي فيها على أَن يحج في وقت الحج، فكان في ذلك متمتعًا بها، ثم أَحرم بحجة منفردة في إحرامه بها لم يبتدئ معها إحرامًا بعمرة، فصار بذلك قارنًا لها إلى