ولا ينبغي أن يحملك ما حضضتك عليه من طلب الفضائل ممن تصادقه على تتبع صغار عيوبه فتصير بذلك إلى أن لا يسلم لك أحد فتبقى خلوا من الصديق. بل يجب أن تغض عن المعايب اليسيرة التي لا يسلم من مثلها البشر وتنظر ما تجده في نفسك من عيب فتحتمل مثله من غيرك. واحذر عداوة من صادقته أو خالته أو خالطته مخالطة الصديق واسمع قول الشاعر:
عدوك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرن من الصحاب
فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب
آداب الصداقة لذلك يجب عليك متى حصل لك صديق أن تكثر مراعاته وتبالغ في تفقده ولا تستهين باليسير من حقه عند مهم يعرض له أو حادث يحدث به.
فأما في أوقات الرخاء فينبغي أن تلقاه بالوجه الطلق والخلق الرحب وأن تظهر له في عينك وحركاتك وفي هشاشتك وارتياحك عند مشاهدته إياك ما يزداد به في كل يوم وكل حال ثقة بمودتك وسكونا إليك ويرى السرور في جميع أعضائك التي يظهر السرور فيها إذا لقيك. فإن التحفي الشديد عن طلعة الصديق لا يخفى وسرور الشكل بالشك أمر غير مشكل. ثم ينبغي أن تفعل مثل ذلك بمن تعلم أنه يؤثره ويحبه من صديق أو ولد أو تابع أو حاشية وتثنى عليهم من غير إسراف يخرج بك إلى الملق الذي